الإيكونوميست المصرية
محمد الأتربى: مصر لديها جهاز مصرفى قوى ساعدها على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى

محمد الأتربى: مصر لديها جهاز مصرفى قوى ساعدها على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى


بعد قرار رئيس مجلس الوزراء بتجديد الثقة فى الأستاذ محمد الأتربى فى رئاسته لبنك مصر، كان لزاما علينا التعرف على نقاط مهمة خاصة ببنك مصر الذى حقق هذا العام نتائج إيجابية فى كافة المؤشرات على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، وكذلك الدور الذى لعبه القطاع المصرفى وخاصة بنكى مصر والأهلى المصرى لمساعدة الاقتصاد المصرى لمواجهة تلك الجائحة، بالإضافة إلى تعليقه على إشادة مؤسسات التقييم الدولية بدور الجهاز المصرفى المصرى وموقفه الداعم لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى وما بعد ذلك أيضا بالإضافة إلى التطلعات المستقبلية لبنك مصر لمسايرة التطورات الحديثة وقرار المساهمة فى إنشاء أول بنك ديجيتال فى مصر العام القادم وأخيرا المسئولية المجتمعية لبنك مصر واتحاد بنوك مصر أيضا.
وإلى نص الحديث الممتع الشيق..
أجرى الحوار: أشرف الليثى

• بعد إشادة المؤسسات المالية الدولية بالجهاز المصرفى المصرى ودعمه للاقتصاد المصرى خلال فترة جائحة كورونا، نريد إلقاء الضوء على ما قام به الجهاز المصرفى فى هذا الشأن؟
فى مواجهتها لجائحة فيروس كورونا، اتخذت الحكومة المصرية عدة إجراءات اقتصادية كانت استباقية وسريعة وكان للجهاز المصرفى وعلى رأسه البنك المركزى دور حيوى فى التصدى للآثار السلبية لتلك الأزمة وتداعياتها المختلفة على الاقتصاد. وتشير التقديرات إلى أن مصر من أقل الدول تأثرا من الناحية الاقتصادية، حيث تم تقدير تباطؤ الاقتصاد المصرى فى العام المالى 19/2020 بنحو 3.5% فقط من معدل 6% كان متوقعا قبل الأزمة. ويعد هذا إنجازا للاقتصاد المصرى بكل المقاييس، فبالرغم من التباطؤ الاقتصادى المتوقع فإنه يعد الأفضل ضمن اقتصادات المنطقة وذلك بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تم تطبيقه منذ نهاية 2016 والذى ساعد الاقتصاد المصرى على امتصاص الصدمات بشكل ناجح ومقبول وذلك بإشادة واعتراف كافة المؤسسات الدولية والإقليمية.
وكان للبنك المركزى دور كبير ومؤثر للغاية فى الإجراءات الاقتصادية، فلقد اتخذ البنك المركزى العديد من الخطوات الاستباقية لمواجهة أزمة كورونا منذ ظهور بوادرها فى مصر. وقد تم التركيز على حزمة من الإجراءات والتدابير الاحترازية، لدعم الاقتصاد، وضمان خطط استمرارية العمل فى البنوك، وتيسير الحصول على الخدمات المصرفية، شملت:
– القرار التاريخى بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة دفعة واحدة لأول مرة فى تاريخ القطاع المصرفى المصرى مع بداية الأزمة، بالإضافة إلى 50 نقطة تم تخفيضها أواخر سبتمبر الماضى لتحفيز الاستثمار والاستهلاك ومساندة القطاع الخاص، ليصل سعر الإقراض والخصم الآن إلى 9.75% و8.75%، بالترتيب، وهى مستويات أقل حتى من قبل تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، وبداية للعودة لمستويات ما قبل 2011.
– تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء وتمديد فترة سداد أقساط القروض على الأشخاص والشركات لمدة 6 أشهر؛ حيث تم تأجيل ما يقرب من 2 تريليون جنيه أقساطا وقروضا.
– تعديل سعر العائد من 10% إلى 8% لمبادرات القطاع الخاص الصناعى، والتمويل العقارى لمتوسطى الدخل، ودعم الفنادق وأساطيل النقل السياحى.
– دعم القطاع الزراعى وقطاع المقاولات عن طريق إضافتهما لمبادرة القطاع الخاص الصناعى نظرا لأهميتهما الشديدة فى دعم الاقتصاد القومى.
– إلغاء القوائم السلبية للشركات والأفراد وإتاحة التعامل مع البنوك بهدف زيادة معدلات السيولة فى الاقتصاد.
– وعلى صعيد استمرارية العمل، كان التركيز الأكبر على سلامة العملاء والموظفين، كما كان تدعيم الاعتماد على التكنولوجيا شقا أساسيا فى التعامل مع الأزمة، فقد أوصى المركزى على تعزيز سبل استخدام التكنولوجيا كبديل للاجتماعات، الفيديو كونفرنس Video Conference والتطبيقات التكنولوجية الحديثة، والتوسع فى استخدام الوسائل الإلكترونية فى تداول المستندات داخل وخارج البنك.
– أما على صعيد الخدمات المصرفية، فقد استجاب البنك المركزى بخطوات سريعة للتعامل مع الأزمة لتسريع التحول الرقمى فى المعاملات المصرفية ودعم تعاملات لا ورقية، عن طريق الإعفاءات المؤقتة من الرسوم أو العمولات على التحويلات المحلية ونقاط البيع والمحافظ الإلكترونية والسحب من ماكينات الصراف الآلى، بالإضافة إلى زيادة حدود الدفع لخدمات المحمول.

• هناك دور للبنك المركزى نجده موازيا دائما لأى خطوة على طريق الإصلاح، هل يمكن توضيح مدى تأثير المبادرات التى اتخذها المركزى على القطاعات المختلفة؟
فى أحدث تقارير البنك المركزى، جاءت نسبة توظيف القروض للودائع فى الجهاز المصرفى مرتفعة لتصل إلى 47.1% بنهاية يونيو 2020 بالرغم من تفشى أزمة فيروس كورونا وهى أعلى نسبة يسجلها الجهاز المصرفى منذ يونيو 2012، وذلك يدل على نجاح المبادرات التى أطلقها البنك المركزى لدعم النمو الاقتصادى بما يتناسب مع حجم النمو المستهدف من قبل الدولة.
وقبل جائحة كورونا، أطلق البنك المركزى بالفعل أكثر من مبادرة، فبنهاية 2019، أعلن البنك المركزى عن ثلاث مبادرات كبرى لقطاعى الصناعة والعقارات بقيمة تجاوزت 180 مليار جنيه.
منها 100 مليار جنيه، تقدم البنوك بمقتضاها تسهيلات ائتمانية للمشروعات الصناعية المتوسطة والكبيرة لتنشيط الاقتصاد منها مساندة المصانع والشركات بسعر فائدة 10% متناقصة سنويا – تم تخفيضها مرة أخرى إلى 8% على أثر جائحة فيروس كورونا – كانت فيها الأولوية للصناعات البديلة للواردات أو الصناعات التصديرية. مع طرح المبادرة تم استهداف تغطية 96 ألف مؤسسة صناعية؛ أى ما يزيد على نصف المنشآت الصناعية العاملة فى السوق المصرية والتى تبلغ 182 ألف منشأة بإجمالى محفظة قروض تفوق 485 مليار جنيه بنهاية العام المالى 19/2020، تمثل نحو 22% من إجمالى قيمة محفظة الإقراض فى الجهاز المصرفى المصرى، وفقا لآخر بيانات البنك المركزى المصرى. وتكمن أهمية تلك المبادرة لما تلعبه الصناعة من دور مهم ومحورى فى الاقتصاد المصرى، حيث يبلغ متوسط مساهمة قطاع الصناعات التحويلية نحو 17% من إجمالى الناتج المحلى، طبقا لبيانات وزارة التخطيط. وتستوعب نحو 2.77 ملايين من قوة العمل المصرية (حوالى 10% من إجمالى القوة العاملة)، وفقا لبيانات مركز التعبئة العامة والإحصاء، وهى من أهم القطاعات التى تعكس النمو الحقيقى للاقتصاد لما تنتجه من سلع مغذية لصناعات أخرى كما تعكس درجة تطور ووعى الاقتصاد لقابليتها الاستفادة من التطور التكنولوجى.
ونستطيع القول إن تلك المبادرة أتت بثمارها، فعلى سبيل المثال ارتفعت آخر قراءة لمؤشر مديرى المشتريات الذى يقيس نشاط القطاع الخاص فى مصر غير النفطى من 29.7 فى أبريل 2020 مع تفشى الأزمة إلى 49.4 بنهاية أغسطس 2020 وهو رقم أعلى حتى مما قبل الأزمة. ووفقا لآخر بيانات البنك المركزى فقد ارتفع حجم القروض الممنوحة للقطاع الصناعى فى الربع الرابع من العام المالى 19/2020 (وهو الذى شهد تفاقم الأزمة) بنسبة 8.7% على أساس ربع سنوى، مقارنة بزيادة قدرها 3.2% فقط فى الربع السابق له، حيث ارتفع إجمالى القروض المقدمة للقطاع الصناعى من 432 مليار جنيه فى ديسمبر 2019 إلى 445.7 مليار جنيه فى مارس 2020 صعودا إلى 484.5 مليار جنيه بنهاية يونيو 2020.
وفى نفس السياق، جاءت مبادرة إعفاء المصانع المتعثرة، والتى تم احتساب فوائدها المتراكمة من قبل المركزى مع بداية طرح المبادرة فى ديسمبر 2019 لتكون نحو 31 مليار جنيه مستهدفة 5184 مصنعا لديها قضايا مع البنوك لمساعدتهم فى العودة إلى العمل والإنتاج.
فضلا عن مبادرة الإسكان لمتوسطى الدخل والتى تبلغ 50 مليار جنيه لتنشيط القطاع العقارى وهو واحد من أهم قطاعات الاقتصاد المصرى، والذى يمثل نحو 10% من إجمالى الناتج المحلى، والذى عانى مؤخرا من مخاطر انخفاض الطلب والركود، ففى الوقت الذى نما فيه الاقتصاد المصرى بـ 5.6% فى العام المالى 18/2019، سجل معدل نمو القطاع العقارى 3.9% فقط.
وبعد أزمة فيروس كورونا، تم تعديل سعر العائد الخاص بمبادرات البنك المركزى التى تم طرحها بنهاية 2019 ليصبح 8% متناقصة بدلا من 10% كما تم ضم القطاع الزراعى وقطاع المقاولات إليها.
ولكونه أكثر القطاعات تضررا بأزمة فيروس كورونا، فقد تم أيضا إلحاق قطاع السياحة بتلك المبادرات، فضلا عن زيادة قيمة المبادرة التى كان طرحها المركزى فى فبراير 2017 لإحلال وتجديد المنشآت السياحية من 5 مليارات إلى 50 مليار جنيه، بسعر عائد 8% متناقصا ولمدة تصل إلى 15 عاما، ومنح تسهيلات ائتمانية تسدد على مدة تصل إلى عامين بالإضافة إلى فترة سماح تنتهى فى ديسمبر 2020 (وذلك بعد أن تم تمديدها مؤخرا، حيث كان مقررا انتهاؤها فى سبتمبر) لسداد الرواتب والأجور والالتزامات القائمة لدى الموردين وأعمال الصيانة للأنشطة السياحية.
كما طرح البنك المركزى مبادرة للعملاء غير المنتظمين من الشخصيات الاعتبارية (الشركات) فى جميع القطاعات، سواء المتخذ أو غير المتخذ بشأنهم إجراءات قضائية من العملاء غير المنتظمين ذوى المديونيات المشكوك فى تحصيلها والرديئة والبالغ رصيد مديوناتها أقل من 10 ملايين جنيه. كما تم طرح مبادرة مماثلة للعملاء غير المنتظمين من الشخصيات الطبيعية (الأفراد)، البالغ إجمالى مديونياتهم لدى كافة البنوك أقل من مليون جنيه.
جدير بالذكر، أن مبادرات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تم طرحها فى 2016 والتى تبلغ 200 مليار جنيه بفائدة مدعمة قد تم استنزافها بالكامل من قبل أكثر من مليون عميل وبالتالى تمت زيادتها مؤخرا لتصل إلى 350 مليار جنيه.
ومازال دور البنك المركزى مستمرا أيضا لحث البنوك على اتخاذ الإجراءات اللازمة من جانبها وتجنيب المخصصات والتحوط لأى عمليات تعثر من جانب بعض العملاء الذين واجهوا مشاكل نتيجة جائحة كورونا كى تستمر البنوك فى وضع جيد فى حالة عدم سداد العملاء للقروض المستحقة عليها وبعد سداد هؤلاء العملاء للقروض ستعود تلك المخصصات مرة أخرى لتضاف إلى الأرباح.

• هل كورونا ساعدت على التعجيل بتطبيق نظام الدفع الإلكترونى على المشتريات للأفراد والشركات والتحول إلى مجتمع رقمى بدلا من التعامل بالنقد الكاش؟
تنبهت الحكومة المصرية إلى أهمية التحول الرقمى، قبل أزمة الكورونا بفترة كبيرة، وهو ما يظهر بشكل جلى فى تولى السيد رئيس الجمهورية رئاسة المجلس القومى للمدفوعات الذى تم تأسيسه فى فبراير 2017، مستهدفا خفض استخدام أوراق النقد ودعم وتحفيز استخدام قنوات الدفع الإلكترونية لدعم توجهات الدولة فى تحقيق الشمول المالى. كما يبذل البنك المركزى جهدا كبيرا لتهيئة الجهاز المصرفى لتطبيق التطوير والتحول الرقمى المنشود.
وتم إطلاق استراتيجية للتكنولوجيا المالية فى مارس 2019، كما تم الانتهاء من إطلاق منظومة الدفع الوطنية “كارت ميزة” فى نهاية 2018 وقد وصل عدد كروت ميزة إلى 5 ملايين كارت بنهاية يونيو 2020، وإطلاق الإصدار الجديد من “القواعد المنظمة لتقديم خدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول”، وإطلاق منظومة ميكنة المتحصلات الحكومية فى مايو 2019. لذلك كان من السهل على الجهاز المصرفى الدخول مباشرة لتطبيق هذا النظام خلال فترات الجائحة.
ومن ضمن مبادرات المركزى فى إطار الأزمة لتقليل الاعتماد على الكاش: استهداف نشر 100 ألف نقطة بيع إلكترونية، يتحمل تكلفتها البنك المركزى المصرى لتحفيز البنوك على نشر نقاط البيع الإلكترونية بصورة أكبر فى المحافظات التى لا يوجد بها الأعداد الكافية لنقاط البيع الإلكترونية. وقد تم بالفعل الوصول إلى عدد 98 ألف نقطة بيع إلكترونية (POS) بنهاية يونيو 2020 مقارنة بـ 50 ألف نقطة فى 2014؛
أما فيما يخص رمز الاستجابة السريع QR code، فيستهدف البنك المركزى المصرى نشر 200 ألف رمز استجابة سريع لدى التجار والشركات مع تخصيص برامج تحفيزية للبنوك، كما ستقوم البنوك المصدرة بتقديم حوافز للعملاء لاستخدام أدوات الدفع الإلكترونية الخاصة بها فى عمليات الشراء.
وأطلق البنك المركزى مبادرة نشر 6500 ماكينة صراف آلى، يأتى ذلك فى ضوء رصد البنك المركزى لبعض الصعوبات التى تواجه المواطنين فى عمليات السحب والإيداع النقدى فى مصر، والحاجة إلى زيادة الأعداد الخاصة بماكينات الصراف الآلى والاهتمام بتوزيعها الجغرافى على مستوى كافة المحافظات، للمساهمة فى تسهيل تلك العمليات وتخفيف الأعباء الملقاة على المواطن وعلى أفرع البنوك، ليصل بذلك إجمالى عدد ماكينات الصراف الآلى إلى ما يقرب من 20 ألف ماكينة موزعة على كافة المحافظات.
وقد وصل إجمالى عدد ماكيناتATM الخاصة ببنك مصر فى جميع أنحاء الجمهورية إلى 2788 ماكينة، ووصل عدد نقاط البيع الإلكترونية (POS) لدى المحلات والتجار الخاصة ببنك مصر إلى 19 ألف ماكينة بنهاية يونيو 2020.

• ماذا تتوقع للجهاز المصرفى بعد زوال آثار هذه الجائحة؟
من الطبيعى أن يتأثر الجهاز المصرفى بأزمة كورونا، إلا أن مؤشرات السلامة المالية القوية قادرة على امتصاصه للصدمات، ولعل فى صمود الجهاز المصرفى أثرا قويا فى مواجهة الأزمة المالية العالمية فى 2008 والأزمات الاقتصادية التى خلفتها 25 يناير واستمرت لسنوات خير دليل على ذلك.
فبالرغم من الأزمة فقد جاءت مؤشرات السلامة المالية كلها فى تحسن، فوفقا لآخر بيانات المركزى، ارتفع معدل كفاية رأس المال من 17.7% فى يونيو 2019 إلى 20.1% فى يونيو 2020، كما انخفضت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالى القروض لتصل إلى 3.9% من 4.2% فى نفس فترة المقارنة.
وبالرغم من انخفاض صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفى من فائض قدره 7.2 مليار دولار فى فبراير 2020 إلى عجز قدره 1.8 مليار دولار بنهاية يونيو 2020 بسبب صدمات قطاع السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر والتحويلات واستثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى، فإن تعافى الأخيرة فى الفترة الماضية (حيث جاءت آخر تصريحات البنك المركزى بارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى بنحو 3.2 مليار دولار فى أغسطس 2020) واستقرار النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من قبل جميع مؤسسات التصنيف الائتمانى وإشادة جميع المؤسسات الدولية بمجهودات الدولة للنهوض بالاقتصاد المصرى؛ كل ذلك من شأنه أن يبشر باحتواء آثار الأزمة سريعا فور زوالها واستكمال دور الجهاز المصرفى كقاطرة للنمو الاقتصادى خاصة فى ظل الإجراءات الأخيرة المحفزة للاستثمار والاستهلاك.

• البنوك الوطنية المصرية وخاصة بنكى مصر والأهلى المصرى لهما دائما دور مهم أثناء الأزمات والظروف الاستثنائية، ماذا قدما خلال جائحة كورونا؟
يلعب بنكا مصر والأهلى المصرى أدوارا حيوية داعمة للاقتصاد المصرى، وبالفعل تحمل البنكان كثيرا من الأعباء مثل إصدار شهادة الـ 20% التى تم إصدارها فى ظل تحرير سعر الصرف بنهاية 2016، وأيضا إصدار شهادة الـ 15% التى تم إصدارها فى ظل جائحة كورونا والتى كان من شأنها التأثير على أرباح تلك البنوك وذلك لمساعدة العملاء فى الحصول على عائد جيد فى ظل هذه الظروف الاستثنائية، وقدرت حصيلة تلك الشهادات بنحو 383 مليار جنيه، وتم إلغاؤها مؤخرا بعد انخفاض التضخم ووصوله إلى مستوى 3.4% الآن، ومازلنا مستمرين فى الشهادة ذات العائد 12% التى تصرف الفائدة شهريا ولمدة ثلاث سنوات.
كما يلعب البنكان دورا محوريا فى دعم المشروعات القومية والاستراتيجية التى تساعد الاقتصاد المصرى على النمو وانخفاض معدلات البطالة. ويعتبر بنك مصر هو أكبر مرتب للقروض المشتركة لتمويل المشروعات القومية والاستراتيجية، ولم يتوقف ذلك الدور حتى فى ظل الأزمة. وجدير بالذكر أن استراتيجيتنا تعتمد على محور دعم الأجندة الاقتصادية للدولة انطلاقا من قناعتنا بأهمية هذا الدور المحورى.
فضلا عن ذلك وفى إطار حرص بنك مصر على أن يكون الأقرب لعملائه أينما وجدوا، قام بنك مصر بالاتفاق مع الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو على تغطية جميع محطات مترو الأنفاق بآلات الصراف الآلى والتى بلغ عددها 71 محطة حتى الآن، وذلك للتمكن من وصول الخدمة المصرفية لشرائح مختلفة من العملاء الذين يستخدمون مترو الأنفاق، ويعد هذا البروتوكول هو الأول من نوعه، حيث يتيح لبنك مصر فى سابقة هى الأولى فى مصر أن يقوم أحد البنوك بتغطية كافة المحطات بآلات الصراف الآلى، ويأتى ذلك كخطوة فى إطار تحقيق الاستراتيجية التوسعية للبنك وسعيه لانتشار فروعه وآلات الصراف الآلى الخاصة به على مستوى الجمهورية من أجل اتساع رقعة تقديم خدماته المصرفية.
وقام بنك مصر بتركيب آلات الصراف الآلى فى 10 محطات كمرحلة أولى ومتوقع الانتهاء من تركيب آلات الصراف الآلى فى باقى المحطات تباعا خلال عام 2020.
وقد امتد دور بنك مصر ليشمل دعمه لمشروعات ومنتجات تساهم فى تخفيف جائحة كورونا من الناحية الصحية، حيث تم اختيار بيت تصميم جامعة النيل من قبل وكالة ناسا من ضمن 13 جهة مشاركة لصناعة أجهزة تنفس “Vital Ventilators” كما قام بيت التصميم أيضا بتصميم وتصنيع Face Shield مع شركات أخرى، وتم توزيعه على مختلف المستشفيات المصرية للمساهمة فى وقاية الطاقم الطبى المصرى.
ومن منطلق مسئوليتنا نحو عملائنا، ومساعدتهم فى تخطى الأزمة الحالية التى تسببت بها جائحة كورونا، قام مصرفنا باتخاذ العديد من الإجراءات وإطلاق البرامج والمبادرات التى تساعد أصحاب المشروعات، حيث قام البنك بإطلاق برنامج متكامل لدعم عملائه من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فى ظل مواجهة أزمة كورونا من خلال مراكز البنك لتطوير الأعمال ضمن “مبادرة رواد النيل” المتواجدة بفروعنا فى الأقصر ودمياط والمنوفية، وقمنا بالبدء بتقديم خدمات الدعم والاستشارات للعملاء أصحاب المشروعات الصغيرة بالمحافظات التابعة لمراكز تطوير الأعمال كمرحلة أولى مع إعطاء أولوية للأنشطة الأكثر تضررا من الناحية الاقتصادية.

• بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس بنك مصر فى 1820، هل هناك احتفالية ستتم هذا العام بهذه المناسبة؟
كنا بالفعل نعد لاحتفالية ضخمة جدا فى شهر يونيو الماضى تليق بهذا الحدث المهم على تأسيس أول بنك مصرى بأموال المصريين، إلا أننا قررنا تأجيل تلك الاحتفالية نتيجة أزمة كورونا.

• نود التعرف على أهم المؤشرات التى حققها بنك مصر فى نهاية العام المالى 2019/ 2020.
هناك تحسن كبير فى غالبية المؤشرات رغم أزمة كورونا، حيث حققنا المستهدف فى كثير من تلك المؤشرات وهناك نقطة مضيئة أحب التركيز عليها للتعرف على الدور المجتمعى الذى يقوم به بنك مصر، فقد كانت المساهمة المجتمعية لبنك مصر لا تزيد على 20 مليون جنيه عام 2014 ووصلت فى نهاية العام المالى فى 30/6/2020 سواء فى الصحة أو التعليم أو تطوير العشوائيات والقرى الأكثر فقرا إلى نحو 1.5 مليار جنيه.
وتشير الأرقام والمؤشرات الأولية – قبل الاعتماد النهائى للجهاز المركزى للمحاسبات والجمعية العمومية – إلى:
زيادة حجم محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لبنك مصر إلى ما يقرب من 40 مليار جنيه فى 30/6/2020 مقابل مليار و400 مليون فقط فى 30/6/ 2014، محققا حوالى 23% من إجمالى المحفظة طبقا لتعليمات البنك المركزى بتحقيق نسبة 20%.
وفيما يتعلق بالمركز المالى وإجمالى الأصول لبنك مصر، أظهرت نتائج نهاية يونيو 2020 المبدئية وصول حجم الأصول تقريبا إلى تريليون و228 مليار جنيه بزيادة نسبتها 27% عن العام المالى يونيو 2019 بل وزيادة عن المستهدف بنسبة 13% وبالنسبة لقروض العملاء زادت من 272 مليار جنيه فى 30/6/2019 لتصل تقريبا إلى 336 مليار جنيه فى 30/6/2020 بنسبة زيادة 24% وأكثر من المستهدف بنسبة 20%.
وعلى مستوى القطاعات فقد وصلت محفظة قطاع الشركات تقريبا إلى أكثر من 180 مليار جنيه فى 30/06/2020 مقارنة بـ 151 مليار جنيه فى العام السابق بنسبة 19% وقد حققت محفظة التجزئة المصرفية نسبة نمو قدرها 38% فى عام 2020 حيث وصل حجم المحفظة إلى أكثر من 44 مليار جنيه تقريبا مقارنة بـ 32 مليار جنيه فى عام 2019
أما على مستوى القطاع الإسلامى، فقد حقق طفرة بزيادة المحفظة لتصل تقريبا إلى 16 مليار جنيه فى 2020 مقارنة بـ 7 مليارات جنيه فى عام 2019 بنسبة نمو قدرها 128%.
وفيما يتعلق بالديون المتعثرة، كانت نسبتها إلى إجمالى القروض فى 30/6/2014 تصل إلى 14.5% وصلت فى 30/6/2020 إلى 2.27% فقط وكلها تمت تغطيتها من المخصصات بنسبة 135% ونجحنا فى تطبيق جميع معايير IFRS9 وتمت زيادة المخصصات بحيث أصبحنا نستطيع مواجهة أى تعثر يواجه أى عميل.
بالنسبة لودائع العملاء، زادت من 746 مليار جنيه فى يونيو 2019 إلى 928 مليار جنيه تقريبا فى يونيو 2020 بنسبة زيادة 24% وبزيادة عن المستهدف 6%، وبالنسبة لصافى الربح حقق زيادة جيدة جدا مقارنة بما كان عليه فى 2019 ولكن لا يمكن الإفصاح عنه إلا بعد المراجعة النهائية من جانب الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث إننى أوضحت سابقا أن هذه المؤشرات ليست نهائية.

• بنك مصر كان قد وضع استراتيجية العام الماضى لها عدة أهداف، ماذا تم بخصوص تطبيق هذه الأهداف؟
فى عام 2019 تمت صياغة استراتيجية خمسية طموحة لبنك مصر (2019-2023). وتركز استراتيجية البنك على النمو المستدام من خلال تقديم خدمات ومنتجات مربحة تدفعها احتياجات ومتطلبات العملاء، مما يتطلب تطوير قنوات متنوعة مبتكرة وحلولا غير تقليدية لتلبية احتياجات عملائنا بطريقة فعالة مع تعزيز تواجدنا محليا وإقليميا وعالميا. كما يركز البنك فى استراتيجيته على التناغم مع الأجندة الاقتصادية للدولة ولعب دور محورى فى دعم الشمول المالى فى مصر، كل ذلك فى إطار التزامنا بقيمنا: الشراكة، المسؤولية، النزاهة، التفانى والتميز PRIDE.
ومن ناحية تطبيق أهداف الاستراتيجية فقد قمنا بالآتي:
• توضح المؤشرات الأولية وصول إجمالى الأصول إلى تريليون و228 مليار جنيه بنهاية يونيو 2020، مدفوعا بنمو كبير فى محفظة الودائع والقروض مع توقعات بتحقيق ربحية أعلى من العام السابق من خلال كافة قطاعات الأعمال.
• قمنا بتعزيز انتشارنا الجغرافى لتصل شبكة البنك إلى حوالى 700 فرع و2788 ماكينة صراف آلى بالإضافة إلى أكثر من 19 ألف نقطة بيع إلكترونية فى يونيو 2020.
• تم افتتاح مكتب ميلانو- إيطاليا فى إطار خطط التوسع الخارجية للبنك، إضافة إلى مكاتب التمثيل فى كوريا الجنوبية والصين وروسيا وتم تعزيز المركز المالى لفروع بنك مصر فى الإمارات العربية، فضلا عن زيادة مخصصات بنك مصر لبنان نظرا للظروف الاستثنائية التى يمر بها لبنان حاليا ومن أجل الحفاظ على أموال المودعين هناك. ولدينا خطة طموحة للتوسع فى أفريقيا تحت مظلة البنك المركزى ونسير حاليا فى الحصول على موافقات التواجد والعمل فى عدة دول أفريقية.
• تم تعزيز الاعتماد على التكنولوجيا فى عملياتنا وخدماتنا، فقد قام البنك بإتاحة العديد من الخدمات الإلكترونية والرقمية وحلول الدفع عبر الإنترنت. على سبيل المثال، تم تطوير إصدار جديد من الإنترنت البنكى بالإضافة إلى المحفظة الإلكترونية ((E-Wallet والخدمات عبر الهاتف المحمول، وقد ساعدت هذه القنوات فى بيع أكثر من 100 مليار جنيه لشهادات “ابن مصر” إلكترونيا.
• تم إطلاق المساعد الآلى الذكى ” Chat Bot” وخدمات “WhatsApp for business”، كقنوات إلكترونية لخدمة العملاء على مدار الساعة تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى.
• قام البنك بتأسيس مكتب التحول الرقمى بهدف تحويل وتبسيط منتجات وعمليات البنك وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا. وقام بنك مصر بإطلاق أول خدمة من المكتب وهى قروض تمويل للمشروعات الصغيرة أونلاين فى خمسة أيام (بنك مصر إكسبرس).
• تم التركيز على زيادة كفاءة الموظفين، حيث تم إطلاق وتنفيذ مبادرات إدارة الأداء والإدارة بالأهداف فى 2019-2020 من خلال بطاقة أداء متوازن جديدة والتركيز على القيم فى العمل جنبا إلى جنب مع خطة تواصل شاملة لشرح الاستراتيجية لكل موظف.
• وقع البنك على مبادئ الأمم المتحدة للخدمات المصرفية المسؤولة، كأحد الموقعين المؤسسين من أجل دمج مبادئ العمل المصرفى المستدام كجزء من استراتيجية البنك وعملياته، وذلك تماشيا مع رؤية مصر 2030.
• وعلى صعيد المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشمول المالى، حققنا 23.3% (من إجمالى محفظة الإقراض) بمحفظة تتجاوز 40 مليار جنيه من إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بحلول يونيو 2020، كما أصدرنا أكثر من1.4مليون بطاقة ميزة لدعم الشمول المالى فى ضوء المبادرات القومية
• قدمنا القرض اللحظى لعملاء التمويل متناهى الصغر، حيث تتم إجراءات المنح عن طريق التابلت فى 48 ساعة. وقام البنك بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية لإطلاق خدمات مصرفية لرائدات الأعمال من السيدات.
• استمر البنك فى تعزيز دوره فى بيوت التصميم فى الجامعات المصرية (أربع جامعات) لدعم رواد الأعمال وتشجيع الابتكار من خلال مبادرة رواد النيل.
• قطعنا شوطا كبيرا فى البحث والتحضير لإنشاء أول بنك رقمى بالكامل فى مصر وسيكون منفصلا تماما عن بنك مصر، وقد استعنا بمستشار عالمى لذلك ، ومتوقع إطلاقه فى النصف الثانى من 2021.

• بصفتك رئيس اتحاد بنوك مصر من الواضح أن هناك مبادرات مهمة يقوم بها الاتحاد حاليا، نود إلقاء الضوء عليها، وما أهمية تلك المبادرات؟
قمنا بالفعل بحملة لنشر وتشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكترونية على مستوى جميع طبقات المجتمع بالتنسيق بين اتحاد البنوك والبنك المركزى ولاقت الحملة التى تشرف عليها الدكتورة فاطمة الجولى رئيس قطاع الاتصال المؤسسى ببنك مصر نجاحا كبيرا للغاية والتى تنطلق تحت شعار “باى باى نقدية، ده زمن الإلكترونية” وتلك الحملة قام بتمويلها مجموعة البنوك المشتركة فيها واتحاد بنوك مصر ونجاح الحملة يأتى لأنها توجهت مباشرة لمخاطبة جميع المستويات فى الدولة ابتداءً من العامل البسيط إلى كبار التجار والمحلات التجارية الكبرى.
ومن الأهمية أن يكون هناك تعاون مستمر بين اتحاد البنوك والبنك المركزى وفى فترة بسيطة نجحنا فى تدعيم العمالة التى تأثرت بجائحة كورونا وقدمنا لحساب الطوارئ وتحيا مصر أكثر من 700 مليون جنيه وجميع البنوك شاركت فى تلك الحملة وذلك إدراكا منها للمساهمة فى المسئولية المجتمعية وللتخفيف عن كاهل تلك الطبقات وأخذنا قرارات كثيرة بالتنسيق مع البنك المركزى لتطبيق الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا.
واتحاد البنوك يقوم الآن بتشجيع ودعم جميع البنوك العاملة فى مصر للتحول إلى تقديم منتجات ووسائل دفع إلكترونية لأن هذا سيعود بالنفع على الدولة بصفة عامة وسيخفف من استخدام النقد وهناك إجراءات يجب على الجهاز الإدارى فى الدولة والحكومة اتخاذها فى هذا الإطار مثل تشجيع إنهاء التعاملات الحكومية عن طريق كارت ميزة الذى وصل عدد إصداراته 5 ملايين كارت، منها 1.4 مليون كارت تم إصدارها عن طريق بنك مصر بنهاية يونيو 2020.

• ما تطورات مجهودات اتحاد البنوك لاستكمال الدور الذى كان قد بدأه لمساعدة الدولة فى تطوير المناطق العشوائية؟
اتحاد البنوك قدم ما يقرب من 320 مليون جنيه خلال الفترة السابقة لتطوير المناطق العشوائية ونقوم حاليا بتطوير تلك المبادرة ومساعدة المناطق الأكثر احتياجا، ونقوم بدراسة سبل أخرى مستهدفين القضاء على الفقر تماشيا مع الرؤية السياسية وتنفيذا لواجبنا الوطنى ومسئوليتنا تجاه شعبنا وبلدنا.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *