الإيكونوميست المصرية
المهندس وائل علما.. حياة مليئة بالكفاح والإصرار والنجاح والتضحية

المهندس وائل علما.. حياة مليئة بالكفاح والإصرار والنجاح والتضحية


شاب مصرى يمتلك الإصرار والكفاح من أجل النجاح، منذ أن كان طالبا فى المرحلة الثانوية كان لديه هدف فى الحياة أن يصبح رجل أعمال ناجح ولا يعتمد على الوظيفة، طوال مشوار الحياة لم ينس قط كل من مد له يد المساعدة ولم ينس فضل والدته التى وهبت حياتها لتربيته بعد وفاة والده وهو فى الثانية من عمره وحرصت على أن ينشأ كرجل يعتمد على نفسه ويمتلك مواصفات الشاب المجتهد المجد المتفوق دراسيا وعمليا هذا هو المهندس وائل علما، الذى يقول:
شخصيات بارزة أثرت فى حياتى؛ منها:

أمى (سعاد حامد عدس)
حين توفى والدى جراء حادث مفاجئ كان عمر أمى 29 عاما، وكان وقتها عمرى عامين. انتقلنا بعدها للعيش فى بيت والديها، جدى وجدتى. قررت الأرملة الشابة عدم الزواج بعد وفاة زوجها الحبيب وتكريس حياتها لتربية الابن الوحيد، واضطرت للعمل حتى تستطيع تهيئة حياة مناسبة وتعليم جيد له.
خشيت والدتى أن يتأثر الابن اليتيم بتدليل الجدة والخالات فحرصت على تنشئتى تنشئة جادة، فكان تعليم السباحة فى سن الخامسة وبعدها الانضمام لفريق السباحة بالنادى الأهلى أكثر النوادى انضباطا فى الأنشطة الرياضية وجدية تقارب الحياة العسكرية، حتى أنه كان مدربى فى فريق كرة الماء الذى انضممت إليه لاحقا كابتن سيد صادق مقدما بالقوات المسلحة وقائد إحدى فرق الصاعقة، وكان تدريبه للاعبين الشبان مثل تدريبه لجنود الصاعقة. كان تدريب السباحة لا ينقطع صيفا أو شتاء، مرة يوميا وأحيانا مرتين، مما استدعى أن تصحبنى والدتى للنادى يوميا بعد المدرسة وأحيانا فى الساعة الخامسة والنصف صباحا قبل المدرسة. لم تضربنى أمى أبدا وقليلا ما عنفتنى ولكنها استطاعت أن تجعلنى أخاف أن أغضبها وليس أن أخاف منها.
أمى بالتأكيد شخصية متميزة، فحين ذهبت إليها وأنا فى سن السادسة عشرة لأخبرها بأننى أريد عمل مشروع تجارى صغير – وكان عمل من هو فى سنى غير مألوف وقتها فى محيط الأسرة والأصدقاء- شجعتنى وساندتنى حتى أنها كانت وقت انشغالى بالامتحانات تقوم بتسليم البضائع للتجار بدلا منى.
علمتنى أمى تحمل المسئولية والاعتماد على النفس فى سن مبكرة فحين كان أهل أصدقائى يُضيقون عليهم ويتابعون كل صغيرة وكبيرة فى حياتهم فى عام الثانوية العامة، كنت أنا أذاكر وأعمل وأنتظم فى تدريبات كرة الماء، وأتذكر أنه وقتها سألتنى أمى مرة واحدة فقط هل أنت مطمئن إلى تنظيم وقتك بين المذاكرة والعمل والرياضة فى هذه السنة المصيرية، وحين أجبتها بنعم اكتفت بتلك الإجابة؛ وكانت هذه الثقة هى أكبر دافع لى للنجاح والتفوق.
أمى هى مثال للعطاء بكل أشكاله، فكما أفنت شبابها فى تنشئة ابنها فقد امتد عطاؤها ليشمل كافة أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة والأصدقاء والجيران والمساعدين وكثيرين غيرهم.
هذه هى السيدة – أطال الله عمرها ومتعها بالصحة والعافية- التى أفتخر أنها أمى.

المهندس/ محمد عشماوى
كنت أعمل طوال فترة دراستى بكلية الهندسة فى تجارة ملابس الأطفال وتصنيعها لدى الغير، وكنت أستهدف أن أستمر فى هذا المجال وأتجه إلى التصدير بعد تخرجى، إلى أن نصحنى صديق )كان عزيزا) بأننى لابد أن أعمل لفترة بأحدى الشركات أو المؤسسات الدولية لاكتسب خبرة تساعدنى فى إدارة عملى الخاص فيما بعد. وبالفعل فقد حصلت بمجرد تخرجى على فرصة عمل بشركة كيمونكس إنترناشيونال، وهى شركة أمريكية تعمل فى مصر بعقود استشارية مع برنامج المعونة الأمريكية. وكان المشروع الذى عملت به ويسمى مشروع التنمية المحلية يستهدف تخطيط برامج صيانة للمعدات الثقيلة المهداة من المعونة الأمريكية وتدريب وتوعية الأجهزة المحلية ببعض المحافظات بالطرق المثلى للحفاظ على هذه المعدات.
كانت الشركة مقسمة إلى قسمين، قسم الهندسة المدنية وقسم الهندسة الميكانيكية وهو القسم الذى عملت به بسبب تخصصى كمهندس ميكانيكا. كان يرأس هذا القسم المهندس/محمد عشماوى -رحمة الله عليه- وكان ضابطا سابقا بالقوات المسلحة تقاعد مبكرا وعمل بمثل هذه المشاريع حتى تدرج ليكون المسئول الأول بالشركة. لم يكن المهندس محمد هو مديرى المباشر إنما كان مدير مديرى. وكان مديرى المباشر هو المهندس سمير القيصرلى والذى كان أيضا شخصية محترمة جدا لواء سابقا، وكان يرأس المهندس محمد فى القوات المسلحة. لم يكن ليستقيم هذا الوضع لولا تميز شخصية المهندس/محمد الذى كان يدير الأمور باحترافية لكن فى نفس الوقت يتعامل بكل الاحترام والتقدير مع رئيسه السابق. تعلمت الكثير من هذا السلوك ولاحقا حين أسست شركتى الخاصة وكان هناك الكثير من الموظفين ممن يكبروننى سنا لم أجد أى غضاضة فى أن أنادى أحد مرؤوسى ببابشمهندس وينادينى هو باسمى مجردا كما كان يفعل قبل التحاقه بالعمل معى.
طلب منى مرة المهندس/ محمد المساعدة فى ترتيب بعض الملفات فقمت بذلك وأضفت ترتيب وتنظيم كل الملفات الموجودة بمكتبه فى خلال يومين كان مسافرا فيهم. بعدها أصبحت “صبى الأسطة” أساعده فى الكثير من الأعمال مما أتاح لى تعلم الكثير منه.
بعد عام، حين جاءتنى فرصة العمل الثانية والأخيرة والتى بدأت بعدها عملى الخاص ذهبت لأطلب منه السماح بترك العمل، وبعد أن سألنى عن تفاصيل العمل المستهدف كما يسأل الأب ابنه ليطمئن عليه، فاجأنى بأن قال لى إنها تبدو كفرصة جيدة لكنى سأحتفظ بمكانك بالشركة لمدة ثلاثة أشهر سأعتبرك فيهم فى إجازة مرضية وإذا لم تسترح فى العمل الجديد فسنرحب بك مجددا. لم أحتاج لترك العمل الجديد والعودة لعملى القديم لكن استمرت العلاقة متصلة بالمهندس/ محمد عشماوى حتى وافته المنية.
ومن المصادفة أننى لاحقا تعرفت بصديقى العزيز الذى يحمل نفس الاسم، الأستاذ/ محمد عشماوى المصرفى المعروف والذى تأثرت كثيرا باحترافيته فى العمل ودماثة خلقه.

المهندس/ سمير رياض
عرفت المهندس/ سمير رياض حين كان عمرى 17 عاما يوم ذهبت إليه فى مصنع سمير للفانلات بحدائق القبة الذى أسسه والده باسم ابنه سمير فى حديقة منزله حتى يتوارى عن الأنظار خشية التأميم، وبعد عودة الباشمهندس/ سمير – كما يناديه الجميع – من دراسته بألمانيا طور هذا المصنع وأصبح أول من بدء فى تصدير الملابس لأوروبا. كنت وقتها أشترى منه بواقى التصدير من الـ “تى شيرتات” لأقوم بالطباعة عليها وبيعها فى الأسواق. كان من الطبيعى أن يتعامل الشاب الصغير الذى يشترى فائض الإنتاج مع أحد مسئولى الشركة وليس المهندس/ سمير شخصيا، إلا أنه كان دائما يقابلنى ويشجعنى. وبمرور السنين، تطورت أعمالى وأصبحت التعاملات بيننا تمثل جزءا كبيرا من إنتاج شركته. والحق أنه فى خلال السنوات الكثيرة التى تعاملت معه فيها كان دائما يحترم كافة تعاقداته ولم يبدل كلمته مرة واحدة بصرف النظر عن تغيير الظروف وما إذا كان استمرار الالتزام بعقد ما قد يتسبب له فى بعض الخسائر.
كان كثيرا ما يدعونى للعشاء فى حضور مسئولى الشركات الأجنبية التى تستورد ملابس بمصر والتى كانت شركتى تمثلها، عادة ما كان المهندس/ سمير لا يأكل إلا لقيمات قليلة، فهو فى معظم الأحيان يأكل فقط من الوجبات الساخنة التى ترسلها له إلى المصنع السيدة الفاضلة زوجته والتى دائما ما تكون وجبات مصرية أصيلة تقوم بإعدادها له يوميا وتتقن عملها بالرغم من جنسيتها الإنجليزية. ما أن ينتهى الجميع من الطعام فيطلب المهندس سمير من النادل أن يعبئ ما تبقى من الطعام فى صورة جيدة ويبحث بعدها فى الطريق عن أى محتاج ليعطيها إليه. كان ذلك قبل سنوات كثيرة من تبنى بنك الطعام لمشروع تعبئة وتوزيع فائض الأطعمة السليمة من بوفيهات الفنادق.
بالإضافة إلى مساندته لعائلته وأصدقائه وكل من يعرفه، فكثيرا ما رأيت أحد العمال أو العاملات من آلاف العمال الذين يعملون لديه يدخل مكتبه ويطلب منه مساعدة لايتوانى عن تقديمها له على الفور، ولا يؤثر أبدا كونه مسيحيا على عطائه لمسلم أو مسيحى.
الإجازة الأسبوعية لجميع مصانعه هى يوم الأحد كما كان الحال منذ أيام والده، إلا أنه عادة ما يعمل أيضا يوم الأحد، وهو ما أذكره دائما بأنه لابد أن يتوقف عنه.
تصادف أن يتشابه أسم المهندس /سمير رياض -أطال الله عمره- مع اسم الدكتور/ سمير رياض -رحمة الله عليه- الأستاذ بقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، والمشرف على مشروع تخرجى، والذى كان أيضا من الشخصيات المؤثرة فى حياتى.
بالإضافة لتدريسه لمادة الإنتاج فكان الدكتور سمير أيضا مشرفا على النشاط الرياضى بالكلية وهو ما وطد علاقتى به أكثر حيث كنت عضوا بمنتخب الجامعة لكرة الماء. وكان أيضا بروحه المرحة بعد الانتهاء من مراجعة أعمال مشروع التخرج عادة ما يشاركنا فى بعض الألعاب ويذكرنا بأنه كان بطل جامعات إنجلترا فى لعبة البريدج.
كان لدى الدكتور/ سمير رياض مكتبان بالكلية أحدهما لا يستخدمه فأعطانى مفتاحه لأصبح الطالب الوحيد بالكلية الذى لديه مكتب خاص، حتى أن أحد الحراس شاهدنى مرة وأنا أفتح المكتب فتصور أننى أحد أعضاء هيئة التدريس فأصبح يسمح لى بدخولى بالسيارة داخل أسوار الكلية!
من الأمور التى أندم عليها أننى بسبب انشغالى بالعمل ليلا ونهارا فى الأعوام العشرة التى تلت تخرجى لم أستطع أن أتواصل معه إلا بمكالمات متباعدة.

د. وليام فونج Dr. William K. Fung
بعد تخرجى بعامين بدأت العمل فى مجال تصدير الملابس لأمريكا كوكيل للشركات الأمريكية التى ترغب فى استيراد ملابس من مصر، أقوم بإبرام عقود التصدير لحسابهم مع المصانع المصرية، وأتابع كل مراحل الإنتاج وجودة المنتج نهاية بترتيبات الشحن.
كانت الصين تمثل الجزء الأكبر من أعمال هؤلاء المستوردين، وهونج كونج هى المركز الرئيسى للتجارة الدولية للملابس ومقر لكبرى الشركات التجارية والوكلاء الذين يقومون بنفس عملى (مع اختلاف كبير فى حجم الأعمال). كما كان المستوردون الأمريكيون بمثابة المدرسة التى تعلمت منها هذا العمل كانت هونج كونج هى الجامعة.
طلبت من ريك دارلينج (Rick Darling) وهو أحد عملائى الأمريكيين وقتها أن أصاحبه فى رحلة إلى هونج كونج كتلميذ لأتابع وأتعلم ماذا يحدث فى هذا العالم، وخلال تلك الرحلة أخبرنى ريك أننى سأصحبه فى الغداء مع وليام فونج الرئيس التنفيذى لشركة لى أند فونج أكبر شركة فى العالم فى مجال إدارة سلسة الإمدادات Supply chain management لصناعة وتجارة الملابس وأيضا الأحذية والأثاث المنزلى ولعب الأطفال، والشركة مركزها الرئيسى فى هونج كونج ولها فروع فى معظم دول العالم التى تصنع وتصدر هذه المنتجات. وهم المورد الرئيسى لأكبر المحلات الأمريكية والأوروبية.
وجدت وليام شخصا لطيفا وودودا للغاية، لم يتحدث كثيرا عن العمل وإنما تحدث عن بعض ذكريات دراسته بأمريكا ومن باب المجاملة تحدث حول بعض المعلومات عن الحضارة المصرية. مرت بعدها أربع سنوات زادت فيها حجم أعمال شركتى وعدد موظفيها، إلى أن اتصل بى ريك وأخبرنى أن شركة لى أند فونج تتوسع كثيرا خارج منطقة جنوب شرق آسيا والتى كانت تمثل الجزء الأكبر من صادرتهم، وأنهم يرغبون فى فتح مقر لهم بمصر والأفضل أن يشاركوا إحدى الشركات القائمة التى تعمل فى هذا المجال، وأن وليام قد أخبر المدير المسئول عن هذه المهمة وهو أمريكى اسمه توم هوجان (Tom Haugen) بأنه قابلك منذ عدة سنوات ونصحه بالاتصال بك. قام توم مع بعض مساعديه بزيارة مصر ومقابلة كل من يعملون فى هذا المجال إلى أن وقع اختيارهم على مشاركتى. استمرت أعمال تدقيق المستندات والفحص النافى للجهالة عدة شهور إلى أن انتهى إعداد العقود مع وجود نقطة خلافية واحدة سببها خطأ من مراقب حساباتى وقتها فى تبويب أحد بنود الميزانية يؤدى إلى فرق جوهرى فى التقييم. تم الاتفاق على سفرى لهونج كونج لحسم هذه النقطة وبعدها توقيع العقود مع وليام فونج.
ذهبت لمقابلة وليام بمكتبه الذى يقع فى واحدة من مجموعة مبانى متجاور بها الآلاف من موظفى شركة لى آند فونج. وفى الاجتماع الذى حضره محاموه ومحاسبوه أحس ويليام أننى وأنا الشاب الذى لم يتجاوز عمرى 29 عاما أجلس وحيدا بين هذه المجموعة المحترفة ويبدو على القلق الشديد، فانتحى بى جانبا وقال لى: هذه الأرقام أنت الذى أمدتنا بها وقد أخذنا قرارنا بناء عليها ولا يمكن تغييرها الاَن ولكنك بالتأكيد تستطيع أن تعوضها فى المستقبل حيث من المتوقع أن يزيد حجم أعمال الشركة كثيرا بعد الوضع الجديد، ولكن يجب أن تكون مطمئنا وراضيا تماما عن قرارك، أقترح أن تذهب للغداء بمفردك وتفكر جيدا ولنستكمل اجتماعنا بعد ساعتين، وإذا لم تقل لى أنك مستريح وراضٍ وسعيد بهذا القرار فلن أوقع هذا العقد.
فكرت وقررت الاستمرار. وبعد توقيع العقد أخبرنى وليام أننى مدعو على العشاء بمنزله. تصورت ونحن ننزل من المبنى المهيب وأنا بصحبة وليام فونج المصنف ضمن أغنى شخصيات العالم أننى سأجد سيارة فاخرة فى انتظارنا، ولكننا ترجلنا إلى محطه مترو الأنفاق والذى أخبرنى بأنه يستقله دائما لأنه يوفر له ربع ساعة عن السيارة.
عرفت وليام بعدها عن قرب وتعلمت منه الكثير من سلوك العمل واحترام كل من يعمل معه خاصة كبار السن بمؤسسته الذين كان يحرص على تكريمهم معنويا وماديا، ويقول لمديريه أحرص على من أفنوا عمرهم بالشركة وتأكد أن هذه هى أفضل رسالة ترسلها لكل من يعمل معك فالصغار ينظرون ماذا ستفعل معهم حين يكبرون.
استمرت هذه الشراكة لمدة 22 عاما إلى أن اقتضت مصلحة العمل إنهاءها مؤخرا بكل ود واحترام ولكن بالتأكيد استمرت الصداقة مع وليام فونج.

الدكتور/ نيازى سلام
عرفت الدكتور/ نيازى سلام كصديق لخالى يأتى للمذاكرة معه بمنزل جدى الذى انتقلت إلى العيش فيه مع والدتى بعد وفاة والدى. كنت وقتها طفلا صغيرا “بالعب تحت التربيزه” كما يذكر دائما. عرفته بعدها عن قرب حين طلبت منه المشاركة فى مشروع بنك الطعام الوليد والذى تبناه بعدها وتفرغ من أعمال شركة العائلة ليصبح بنك الطعام المصرى على رأس قائمة أعماله الخيرية والتنموية العديدة، والتى على أثارها قامت جامعة كيب بريتون الكندية بإهدائه الدكتوراه الفخرية لإسهاماته التى أثرت تأثيرا إيجابيا فى المجتمع المصرى.
من يعرف الدكتور نيازى عن قرب يجده أقرب للملائكة من البشر، عطاؤه لا حدود له ويملك قدرة فريدة على المسامحة وإيجاد الأعذار للمخطئ وتقويمه بالحسنى والكلمة الطيبة.
فى بداية بنك الطعام وقيامنا بالإعلان عن برنامج توزيع فائض أطعمة الفنادق والذى وصل الآن إلى مايقارب من 20 مليون وجبة شهريا، قام أحد الكتاب بالهجوم الشديد على الفكرة وعلى الدكتور نيازى شخصيا. طلب منا بعدها مجابهته بأحد البرامج التليفزيونية. ذهبنا إلى البرنامج وكان الدكتور نيازى فى حالة ثبات نفسى متميزة مكنتنا من الرد وتفنيد كل مزاعم هذا الكاتب، بعدها استقبل البرنامج العديد من مكالمات المشاهدين التى تمدح فى البنك وتهاجم الكاتب. بعد انتهاء البرنامج قال لى الدكتور نيازى ألم يقل رب العزة “ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم” ما رأيك أن ندعو هذا الكاتب لزيارتنا ببنك الطعام وليشاهد بعينيه ما ذكرناه الآن ونزبل هذه العداوة.
من أروع ما يتمتع به الدكتور نيازى هو أن حضوره يضفى جوا من السكينة والصفاء النفسى فى أى لقاء، ولديه المقدرة أن يُشعِر كل الموجودين باختصاصه بالود والحب.


الدكتور / أحمد زكى حماد
سافر الدكتور/ أحمد زكى حماد إلى أمريكا فى أوئل سبعينيات القرن الماضى امتثالا لنصيحة أستاذه الشيخ محمد الغزالى، ليستقر بشيكاجو ويتعلم اللغة الإنجليزية ويتقنها ويلتحق بجامعة شيكاجو – وهى من أصعب الجامعات الأمريكية- ويحصل منها على الدكتوراه فى علم التراجم ثم يعمل أستاذا بها.
وكما يشرح الدكتور أحمد، فإن الترجمة تكون كلمة لكلمة أو معنى لمعنى أو ثقافة لثقافة. درس بعناية كافة التراجم السابقة للقرآن الكريم، ووجد بعضا منها ليس فقط يعطى صورة مشوهة عن الإسلام وإنما أيضا قد يساهم فى تأصيل الفكر المتطرف. عكف بعدها لسنوات على عمل ترجمة لمعانى القرآن الكريم باللغة الإنجليزية لا تخاطب فقط العقل الغربى، وإنما أيضا يجد فيها أبناؤنا الذين تعلموا بالمدارس الدولية ضالتهم فى فهم الكتاب الحكيم.
من المدهش أن الدكتور أحمد زكى حماد لا يُلم فقط بالعلوم الدينية بحكم دراسته الأزهرية أو علوم التراجم بحكم تخصصه، إنما تمتد اهتماماته لتشمل الفلك والأدب وعلوم الهندسة الاجتماعية “Social Engineering” وكثيرا غيرها، حتى أنه أثناء إقامته بأمريكا كان يأتى له بعض الأزواج لعرض مشاكلهم أو أخذ الفتوى الشرعية فى أمور الطلاق والمشاكل الزوجية، فقام بدراسة علم الاستشارات العائلية Marriage Counselling” “وحصل على دبلومة فيها ليستطيع إسداء النصح ومحاولة حل المشاكل بين هؤلاء الأزواج بصورة أفضل.
ذكر مرة الدكتور أحمد أنه أثناء إمامته لآلاف المصلين فى صلاة العيد بأرض أحد ملاعب الكرة الأمريكية بشيكاجو أنه طلب من المصلين ممن لم يصلوا الفجر أن يصلوه قبل الشروع فى صلاة العيد، ففوجئ بأن معظم المصلين الذين تكبدوا عناء الحضور فى جو شديد البرودة لصلاة العيد وهى سُنة، لم يصلوا صلاة الفجر وهى فرض، وأن هذا هو حال الكثير من المسلمين الآن، التبست عندهم الأولويات، فيحرصون على النوافل ويتركون الفروض، يتفقهون فى صغائر الأمور ويتركون عظائمها. هكذا تعلمت من الدكتور أحمد زكى حماد ضرورة ترتيب الأولويات ومراجعتها دائما، ومازلت أتعلم منه الكثير.
حين سافر ابنى على للدراسة الجامعية بالخارج أرسل له الدكتور أحمد هذه الرسالة القيمة بصوته ينصحه ويوصيه فيها بخمس وصايا. وأرسلها له باللغة الإنجليزية ليتأكد من وصول المعنى إليه باللغة التى درس بها فى مراحل تعليمه المختلفة.
1-Be fit, physically & spiritually
2- Be confident, but not arrogant
3- Be studious & diligent
4-Be connected, with your maker & your parents
5-Be happy with good friend
1- كن لائقا بدنيا وروحيا
2- كن واثقا من نفسك ولكن لا تكن متكبرا
3- كن مواظبا ومجتهدا
4- كن على اتصال بخالقك ووالديك
5- كن سعيدا مع أصدقاء جيدين

Related Articles