بقلم: ناصر عبد المجيد
تابعنا جميعاً التكليف الواضح والصريح من الرئيس السيسي ، لوزارة الأوقاف، والأزهر الشريف، بالإعداد لعقد مؤتمر موسع يضم كافة أطياف المجتمع من أجل مناقشة الشأن العام المصري.
وأعتقد أن المؤتمر المرتقب ، ليس الهدف منه، عقد مجرد”مكلمة” يقوم فيها المشاركون بإلقاء الكلمات والخُطب والبيانات، ولكنه سيكون أقرب إلى “الحوار المجتمعي” الذي يناقش كافة القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية والدينية والفكرية والثقافية ، وغيرها من القضايا الأخرى المطروحة على الساحة الداخلية حالياً.
وليس أدل على ذلك من أن ” السيسي” أكد على ضرورة مشاركة جميع فئات وشرائح المجتمع في هذا المؤتمر الضخم، بحضور رجال الدين والدولة ، وذلك تحت رعايته ومشاركته شخصياً.
وقد ترك الرئيس الباب مفتوحاً لطرح كافة القضايا على مائدة النقاش، بما يؤكد عدم وجود “خطوط حمراء” على أي قضية أو مشكلة ، وذلك في إطار من الشفافية والموضوعية ، ودون تهوين أو تهويل ، مادام الجميع يلتقون من أجل المصلحة العليا للوطن.
وفي رأيي، فإن من أخطر القضايا التي سيتم مناقشتها ، إلى جانب الشأن الاقتصادي الذي يمس بشكل مباشر كافة أبناء مصر، قضية تجديد الخطاب الديني، وهي القضية التي طرحها الرئيس أكثر من مرة في مناسبات مختلفة ، إلا أنها لم تخطو الخطوات المطلوبة منذ طرحها وحتى الآن ، وأعتقد أن الرئيس سيصّر، هذه المرة، على تحقيق نتائج ملموسة في هذا الملف الشائك وفي أٌقرب وقت ممكن .
ومن الطبيعي أن المفاهيم الخاصة بالفكر الدينى، والثورة على الأفكار الجامدة والمتطرفة، والمتاجرة بالدين ونشر الشائعات والأكاذيب، والتفسيرات الخاطئة والمنحرفة لجماعات التطرف والإرهاب، كلها محاور ستكون على رأس أجندة الحوار المجتمعي.
والرئيس، بالفعل، من خلال ذلك المؤتمر، يريد من كافة قيادات ومؤسسات الدولة ، فتح حوار جاد ومباشر مع الشعب ، وأتخيل أن أكبر عدد ممكن من أبناء الوطن سيكون لديهم فرصة لطرح وجهات نظرهم في المؤتمر، والذي من المتوقع أن يستغرق أسبوعاً أو أكثر حسب القضايا المطروحة على مائدة الحوار.
ولاشك أن الهدف من الحوار المباشر بين الدولة والشعب ، هو التأكيد على أن عمليات البناء والتنمية وحماية أمن الوطن واستقراره من ” أهل الشر” بالداخل والخارج ، هي مسئولية جماعية ، يتشارك فيها المواطنون والحكومة ، لأن الجميع في النهاية يجب أن يعمل عل
حماية الدولة وليس النظام، وهو المبدأ الذي يؤكده الرئيس دائماً في جميع المناسبات.
وحرص “السيسي” على إنجاح المؤتمر، ظهر واضحاً في مطالبته للجميع، بما فيهم وسائل الإعلام أيضا، بالإعداد الجيد له، وأتصور أن هناك قرارات وتوصيات ترقى لوصفها ب”التاريخية” ستخرج عن هذا المؤتمر، خاصة أنه يُعقد في ظل ظروف صعبة تمر بها المنطقة عموماً.
وبالفعل، يكتسب المؤتمر المرتقب أهمية كبرى ، لأن الرئيس ، كعادته ، لا يكتفي أبداً بمجرد عقد مؤتمرات لمناقشة القضايا والمشاكل، وطرح الرؤى والأفكار والاقتراحات “على الورق”، ولكنه سيحرص على تحويل الأفكار والتوصيات التي تخرج عن المؤتمر إلى حلول حقيقية على أرض الواقع.
وتجربة مؤتمرات الشباب، التي تحرص مؤسسة الرئاسة على عقدها سنويا، لهي أكبر دليل على أن “السيسي” لا يكتفي بمجرد صدور مجموعة توصيات عن هذه المؤتمرات، ولكنه يحرص على متابعة تنفيذ تلك التوصيات على الأرض، فما بالنا بمؤتمر بهذا الحجم الضخم.
وختاماً، من المؤكد أن فتح حوار مجتمعي بين أبناء الوطن جميعاً حول الشأن العام ، سيضع أيدينا على الكثير من المشاكل وسيساعدنا، في الوقت نفسه، على طرح الحلول المناسبة لهذه المشاكل ، حتى يواصل قطار الوطن طريقه نحو مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة.