الإيكونوميست المصرية
هل تتأثر مصر من الحرب التجارية الدائرة بين أمريكا والصين؟

هل تتأثر مصر من الحرب التجارية الدائرة بين أمريكا والصين؟


تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ أعلنت أمريكا فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على 1300 منتج وسلعة صينية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، فيما فرضت الصين رسوما جمركية بنسبة 25% على نحو 106 منتجات وسلع تستوردها من الولايات المتحدة.
وأكد مكتب الممثل التجارى الأمريكى أن القائمة التى تشمل 1300 منتج وسلعة، غالبيتها منتجات غير استهلاكية وتستهدف قطاعات الدفاع وتقنيات الطيران الصينية، والمعدات وتكنولوجيا الفضاء والمعلومات، والنقل والكيماويات والأدوية والأجهزة الطبية، والاتصالات والروبوتات والآلات، وأوضح أن القائمة تعتبر الجزء الأول من التدابير الأمريكية ضد ممارسات الملكية الفكرية للصين.
وتبلغ قيمة السلع التى فرضت عليها رسوم بين الجانبين 100 مليار دولار تشكل 17% من 580 مليارا من المبادلات التجارية الثنائية فى 2017.
وهاجم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الصين عدة مرات بسبب العجز التجارى الهائل للولايات المتحدة، والذى بلغ 375.2 مليار دولار فى 2017، وطالب بتخفيضه إلى 100 مليار دولار.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الرسوم الأمريكية الجديدة ترفع الستار عن المواجهة الأكثر عدوانية على مدى عقود لممارسات بكين التجارية، وأوضحت الصحيفة أن القائمة الجديدة تشمل غسالات الأطباق وأجهزة التليفزيون وقطع غيار السيارات، ولا تشمل الدعائم الأساسية للبيع بالتجزئة مثل الأحذية والملابس والهواتف المحمولة والأثاث، ورأت السفارة الصينية فى واشنطن أن تلك الإجراءات الحمائية أحادية الجانب تنتهك بشكل جسيم مبادئ منظمة التجارة العالمية وقيمها الأساسية.
ونحن هنا نتساءل؛ ما تأثير هذه الحرب على مصر، وكيف يمكن لمصر الاستفادة من الأزمة بين البلدين؟
وردا على هذا السؤال أكد الخبراء لـ”الإيكونوميست المصرية” أن مصر جزء من اقتصاد العالم، وسوف تتأثر من الحرب التجارية بين أمريكا والصين، ولكن بمعدلات ضعيفة لاسيما أن حجم صادرات الصلب المصرية إلى أمريكا تصل لنحو 100 مليون دولار، وهو رقم ضئيل.
وأشاروا إلى أن مصر يمكن أن تستفيد من هذه الحرب وذلك بفتح أسواق ومنافذ جديدة لصادرات الصلب المصرية، مشددين على ضرورة أن يكون لمنظمة التجارة العالمية دور فى تحجيم الحرب الدائرة بين الماردين الأمريكى والصينى.
وأكد الدكتور رشدى صالح الخبير الاقتصادى أن الميزان التجارى بين أمريكا والصين لصالح الصين، مما يعنى أن الصين دائنة لأمريكا، وتتمتع الصين بأكبر حجم صادرات فى العالم، ليس ذلك فحسب بل تتمتع أيضا بأكبر احتياطى من الدولار فى العالم، وتحقق الصين أيضا أعلى معدل نمو فى العالم، مما دفع ترامب لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الصينية على نحو 1300 سلعة تصل قيمتها لنحو 50 مليار دولار.
وأضاف صالح أن الصين ردت على ذلك بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على 106 منتجات واردات أمريكية للصين، مشيرا إلى أن الحرب الأمريكية على الصين تستهدف تقليل الفجوة بين أمريكا والصين، لتظل أمريكا تقود العالم، وتسيطر على التجارة العالمية، لافتا إلى أن السياسة لا تعرف إلا لغة واحدة هى المصلحة الاقتصادية.
واستبعد الخبير الاقتصادى أن تتأثر مصر سلبا من الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين، أو أن يؤثر ذلك سلبا على حجم إيرادات قناة السويس، لانخفاض عدد السفن العابرة لقناة السويس، مشيرا إلى أن التجارة بين البلدين لا تمر عبر قناة السويس وإنما عبر محيطى الهادى والهندى، ويوجد قطار بين الصين ودول أوروبا.
فيما رأى الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى أننا نعيش فى عالم واحد، ومن ثم فإن الجميع سيتأثر بالحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين، وبالنسبة لمصر سوف تتأثر ولكن ليس بشكل كبير لضعف صادرات مصر من الصلب إلى أمريكا، مشيرا إلى أنه يمكن الاتجاه إلى فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية، وخفض تكلفة النقل والحصول على أسعار أفضل.
وقال عبده إن الحرب بين أمريكا والصين ترجع إلى السياسة التى يتبناها ترامب حيث يرفع شعار أمريكا أولا، ومن ثم بدأ فى فرض ضرائب على السيارات التى يتم تجميعها فى المكسيك، وعلى الاستثمارات الأمريكية فى الخارج ولذلك لجذب الاستثمارات إلى داخل أمريكا لخفض معدلات البطالة، وتم ذلك بالفعل حيث انخفضت إلى 6.3%.
وأضاف الخبير الاقتصادى أن ترامب يعتبر الصين الشيطان الأكبر لاسيما أن بعض الدراسات تشير إلى أن الصين فى عام 2025 ستصبح أكبر اقتصاد فى العالم وستتفوق على أمريكا، ولذلك نشبت الحرب الأمريكية على الصين بفرض رسوم جمركية 25% على واردات الصلب والألومنيوم، غير أنه فى هذه الحرب أضر بالدول الحليفة له وهى المكسيك وكندا وكوريا الجنوبية والبرازيل، فيما تأتى الصين فى المركز الخامس لصادرات الألومنيوم والصلب إلى أمريكا، ولذلك بدأت فى استثناء صادرات بعض الدول لأمريكا.
وتابع عبده أن الصين لم تتضرر كثيرا من هذا القرار ولذلك فرضت رسوما جمركية على السلع الكهربائية والتكنولوجية، مشيرا إلى أن الصين لديها سلاح مهم وهى أنها أكبر مستورد للخنازير واللحوم الحية والذرة، ولذلك فرضت رسوما جمركية على وارداتها من أمريكا.
واستنكر الخبير الاقتصادى موقف منظمة التجارة العالمية التى من شأنها تحديد الرسوم الجمركية على السلع والمنتجات، متسائلا: كيف تقف مكتوفة الأيدى تجاه هذه القرارات؟ مؤكدا ضرورة أن تتخذ موقفا.
من جهته قال الدكتور صلاح الدين فهمى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر إن الحرب التجارية أعنف من الحرب العسكرية، حيث إن فرض رسوم وقيود على حركة التجارة يعوق نمو التجارة العالمية ويعرقله، مشيرا إلى أن هذه الحرب ستؤثر على موازين مدفوعات الدول.
وأضاف فهمى أن مصر جزء من اقتصاد العالم وأنها ستتأثر من الحرب بين الماردين الأمريكى والصينى، لكن حجم التأثر سيكون ضعيفا لانخفاض حجم الصادرات المصرية بشكل عام، وانخفاض حجم صادرات الصلب لأمريكا بشكل خاص، حيث يبلغ نصيب الصادرات المصرية من إجمالى واردات الصلب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، 173.3 ألف طن، بقيمة تصل إلى حوالى 100 مليون دولار.
وشدد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر على ضرورة تصحيح الأوضاع الاقتصادية واحترام الاتفاقيات الدولية التى وقع عليها كل الدول بمنظمة التجارة العالمية.
من جهته قال سعيد عبد الله رئيس قطاع التجارة الخارجية بوزارة التجارة والصناعة إن أجهزة الوزارة تجرى تقييما شاملا لتأثير الإجراءات بين أمريكا والصين والاتحاد الأوروبى وباقى دول العالم، لقياس تأثيراتها المحتملة على الاقتصاد المصرى، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتفادى تعرض الاقتصاد للأضرار من تلك الإجراءات.
وأضاف عبد الله: “بعض منتجات الصلب المصرية التى يجرى تصديرها تضررت من قرار الرسوم الحمائية الذى اتخذته إدارة الرئيس الأمريكى ترامب، وأخطرنا واشنطن بهذا الضرر، مطالبين استثناء مصر من رسوم الحماية الأمريكية، استنادا إلى أن صادراتنا رقم ضئيل جدا”.
وأوضح رئيس قطاع التجارة الخارجية بوزارة التجارة والصناعة أن بعض الدول المنتجة للصلب والمصدرة للأسواق الأمريكية وفى مقدمتها تركيا والصين ودول الاتحاد الأوروبى، ستبدأ البحث عن أسواق بديلة، منها مصر، ونحن مستعدون للتعامل مع هذا السيناريو حال حدوثه عبر عدة أدوات، منها الرسوم الجمركية والتقييدية، ونظام تسجيل المصانع الموردة لمصر والإجراءات الفنية، حتى لا تضار مصانعنا، لافتا إلى وجود فرص لاستفادة صادراتنا من هذا الموقف حال استثناء منتجاتنا من الصلب المسطح فى السوق الأمريكية.
واستبعد حدوث تأثيرات سلبية على حركة التجارة العالمية جراء الإجراءات التى بدأت أمريكا وأوروبا والصين تطبيقها تجاه بعضها البعض، لافتا إلى أن فرص صمود مجتمع الأعمال الأمريكى أمام تداعيات القرار لا تزال غامضة.

Related Articles