الإيكونوميست المصرية
مصر على أعتاب المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى

مصر على أعتاب المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى


• زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وارتفاع الإنتاج والتصدير وخفض الواردات أهم محاور المرحلة الثانية للإصلاح
• أحمد كجوك: محاور المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر تشمل تعزيز الإطار المؤسسى وتعميق الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص ودعم التنمية البشرية والحماية الاجتماعية
• عمرو طنطاوى: أؤيد تجديد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على الدعم الفنى
• طارق متولى: المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى هى الأخطر والأهم ويجب أن يكون تركيزها على الإنتاج

فاطمة إبراهيم
يتطلع خبراء الاقتصاد لاتفاق جديد بين صندوق النقد الدولى ومصر لبدء عملية الإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصرى، وذلك عقب نجاح الإصلاح المالى والنقدى الذى تم فى ظل برنامج إقراض من الصندوق بقيمة 12 مليار دولار امتد خلال الفترة من نوفمبر 2016 حتى نوفمبر 2019.
فما هى محاور المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى؟ وما التحديات التى تواجه الحكومة فى هذه المرحلة ؟ وهل الاتفاق مع صندوق النقد على تقديم دعم فنى لمصر أفضل أم الحصول على حزمة تمويلية جديدة أم إدارة المرحلة الثانية بعيدا عن الصندوق الأفضل؟
من جانبهم أكد المصرفيون أن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى تتطلب اتباع استراتيجية توسعية لتنمية الصادرات والحد من تنامى الواردات مع السعى لزيادة معدلات اجتذاب الاستثمارات، والاستمرار فى تنشيط السياحة مع إجراء تعديل جوهرى فى سياسات الإقراض المصرفى ووضع آلية لإنهاء التعثر.
وأشاروا لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى ضرورة العمل على زيادة الإنتاج، وجذب الاستثمارات، فالمرحلة الثانية تستهدف إطلاق طاقات الاستثمار، والتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية، لافتين إلى أن ذلك يتطلب إصلاح المناخ المؤسسى وتطوير دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، بجانب التوسع فى الشراكات مع القطاع الخاص.
وعرض أحمد كجوك نائب وزير المالية محاور المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر، وتشمل 3 محاور رئيسية هى تعزيز الإطار المؤسسى وتعميق الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز التنمية البشرية والحماية الاجتماعية.
وقال كجوك إن المحور الأول يتضمن تعزيز الإطار المؤسسى بترشيد الإنفاق بشكل داعم للنمو وتعزيز الإيرادات، وخفض مسارات الدين والعجز كنسبة للناتج المحلى الإجمالى لدعم السياسة المالية المؤيدة للنمو، والسيطرة على التضخم، ووضع نظام سعر صرف مرن للحفاظ على القدرة التنافسية للاقتصاد، وتأمين إمدادات طاقة موثوقة على المدى المتوسط.
وأضاف أن المحور الثانى يتضمن تحسين وتخفيف بيئة العمل، ونظاما ضريبىيا واضحا، وتطوير البنية التحتية مع تعزيز دور القطاع الخاص، وتبسيط ودعم قاعدة التصنيع، وتشجيع القطاعات التصديرية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.
وذكر نائب وزير المالية أن المحور الثالث يشمل تعزيز التنمية البشرية والحماية الاجتماعية، ويتضمن التغطية الصحية الشاملة، ونظاما تعليميا حديثا ومتكاملا، وإصلاحات معاشات الضمان الاجتماعى، وبرامج التحويلات النقدية، ومشروعات الإسكان الاجتماعى، وزيادة الإنفاق على التعليم، والصحة والتنمية البشرية.
وعن إجراءات العام المالى 2019-2020، قال كجوك إنها تتضمن استمرار برنامج ترشيد دعم الطاقة واستخدام الوفر المحقق لتمويل برنامج الدعم النقدى وزيادة الاستثمارات لخلق فرص العمل، وإصلاح منظومة المعاشات بما يضمن استدامتها المالية وتحسين أحوال أصحاب المعاشات، ومراجعة السعر العام لضريبة القيمة المضافة ومراجعة قائمة الإعفاءات بما لا يمس محدودى الدخل.
وأضاف: ” ليس ذلك فحسب بل يتضمن أيضا استمرار برنامج الطروحات العامة، والعمل على إجراء مراجعة شاملة لمنظومة الأجور وزيادة الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه إلى 2000 جنيه، وإصدار قانون الجمارك الموحد، وزيادة الحد الأدنى لجميع الدرجات الوظيفية، وقانون توحيد الإجراءات الضريبية.
وتابع فى كلمته: ” بدأ الاقتصاد المصرى فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة ستصل إلى 5.6% خلال العام الحالى، وهو ما أهل الاقتصاد المصرى ليصبح من أعلى الاقتصادات نموا بالمنطقة”، مضيفا: ” تم تطبيق برنامج ناجح وطموح لترشيد دعم الطاقة، كهرباء ومواد بترولية، لينخفض إجمالى دعم الطاقة من 7% من الناتج المحلى إلى أقل من 1% مستهدف بموازنة 2019/ 2020″.
من جانبه قال محمد عبد القادر المدير التنفيذى لأنشطة سيتى بنك مصر إن نظرة البنك للسوق المصرية إيجابية بشكل كبير، لاسيما بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ منذ 2014، ونجاح قرار تعويم العملة المحلية الذى قضى على السوق السوداء، وأعاد السوق المحلية لثقة المؤسسات والمستثمرين على مستوى العالم.
وأشار إلى أن نجاح عملية التعويم دعم إيرادات السياحة بشكل كبير، لترتفع إلى مستوى 12.5 مليار دولار، وتزيد من حجم السيولة الدولارية فى السوق المحلية، قائلا: “السياحة من القطاعات التى تنعكس بشكل مباشر على المواطنين، ويظهر أثرها بوضوح، فالعملة الأجنبية لا تدخل مباشرة للبنوك بل تذهب للعاملين بالقطاع”.
وذكر عبد القادر أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت لمستوى عال، وتستقر خلال الفترة الحالية، كما أن المستثمرين الأجانب يحتفظون بنحو من 18 إلى 20 مليار دولار استثمارات فى أدوات الدين المحلية، ما يعكس الثقة القوية قبل السوق، لافتا إلى أنه حتى فى الفترة التى شهدت خروج أموال المستثمرين العام الماضى لم يكن بسبب السوق المحلية، لكن بسبب تطورات الأسواق العالمية والأزمة التى لحقت بالأسواق الناشئة.
وأكد المدير التنفيذى لأنشطة سيتى بنك مصر أن الاستثمارات التى خرجت من السوق عادت بالكامل بمجرد انتهاء الأزمة نهاية العام الماضى، كما أن مصر كانت من أقل الأسواق الناشئة تضررا، موضحا أن انخفاض أسعار الفائدة فى السوق المصرية لم يؤثر سلبا على استثمارات الأجانب، فى ظل نجاح الإصلاحات وانخفاض معدلات التضخم لمستويات تصل إلى 3%.
فيما أفاد محمود السقا عضو مجلس إدارة جمعية الائتمان والمخاطر بأن نتائج المرحلة الأولى من عملية الإصلاح الاقتصادى كانت ممتازة لاسيما أن معدلات التضخم تراجعت بشكل كبير، مشيرا إلى أن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى يجب أن ترتكز على زيادة معدلات الإنتاج، والاعتماد على المنتجات المصنعة محليا وإحلالها محل الواردات، وتشجيع الاستثمارات المحلية.
وأضاف أن البيئة الاستثمارية أصبحت مهيأة لاستقبال الاستثمارات الأجنبية حيث تم تحرير أسعار الطاقة، وتحرير سعر الصرف وأصبح يتحدد سعره وفقا لآلية العرض والطلب، وكذلك خفض الفائدة، مشيرا إلى أن زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وزيادة معدلات الإنتاج تساهم فى خفض معدلات البطالة، وارتفاع معدلات التشغيل.
وأشار السقا إلى أن المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى قد شهدت تطورا كبيرا فى القطاع المصرفى والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتحقيق الشمول المالى، ورقمنة الاقتصاد كله، والانتهاء من قانون البنوك الجديد الذى وافق عليه مجلس الوزراء.
ولفت إلى أن صندوق النقد الدولى لم يُمل علينا أى شروط فى المرحلة الأولى من عملية الإصلاح الاقتصادى، وإنما كان يتابع الروشتة التى طرحتها الحكومة لتحقيق برنامج الإصلاح، مشيرا إلى أنه مع الدعم الفنى من صندوق النقد الدولى حتى يكون هناك شفافية فى تطبيق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى.
من جانبه ذكر عمرو طنطاوى العضو المنتدب ببنك مصر إيران للتنمية سابقا أنه مع تجديد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على دعم فنى شريطة أن تتم المواءمة بين متطلبات الصندوق، والوضع الاجتماعى للدولة، مشيرا إلى أن الدعم المالى من الصندوق يتوقف على احتياجات الدولة من الدولار، وحجم التدفقات النقدية، وأنه ليس مع هذا الخيار.
وأشار إلى أن الدولة ملتزمة بسداد 12 مليار دولار حسب جدول زمنى، منوها إلى أن الحكومة قامت بإجراءات إصلاحية من بينها خفض الفائدة، دون أن يكون لذلك تأثير على جاذبية أدوات الدين للاستثمارات الأجنبية، غير أنه قد يحدث نوع من المفاضلة بين السوق المحلية وغيرها من الأسواق الناشئة.
ولفت طنطاوى إلى أن الحصول على دعم فنى من صندوق النقد يسمح بنوع من الرقابة المباشرة على الأسواق والأسعار، مشيرا إلى أن تحسن قيمة الجنيه، وانخفاض أسعار الفائدة يجب أن يكون له أثر على تراجع مستويات الأسعار والتضخم.
من جهته رأى طارق متولى نائب العضو المنتدب وعضو مجلس الإدارة التنفيذى ببنك بلوم مصر سابقا أن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى هى الأخطر والأهم، ويجب أن يكون تركيزها على الإنتاج، مشيرا إلى أن مصر تجاوزت المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى بامتياز بشهادة المؤسسات الدولية، والدليل على ذلك المؤشرات الاقتصادية المحققة سواء ارتفاع معدلات النمو، وتراجع معدلات التضخم والبطالة، وارتفاع الاحتياطى النقدى.
وقال متولى إن الإنتاج هو العنصر الأساسى فى المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى حتى نستطيع زيادة الصادرات المصرية، فليس من المعقول أن تكون صادرات دولة بحجم مصر 25 مليار دولار فقط، إلى جانب خفض الواردات، وزيادة معدلات التشغيل، مشددا على ضرورة زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وتابع نائب العضو المنتدب وعضو مجلس الإدارة التنفيذى ببنك بلوم مصر سابقا أن التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومة فى المرحلة الثانية للإصلاح الاقتصادى هو حل المشكلات التى تعوق زيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات ويجب توحيد السياسات المالية النقدية لتحقيق هذه الأهداف.
وعن كيفية التعاون مع صندوق النقد خلال المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى وهل الأفضلية للدعم الفنى أم الدعم المالى، قال متولى إنه يؤيد الدعم الفنى من الصندوق حتى يتسنى له الإشراف فهو جهة محايدة كما أن رأيه عن الاقتصاد المصرى مهم لجذب الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد.
وأضاف أنه مع الحصول على قرض جديد من صندوق النقد شريطة ألا يعمل ذلك على زيادة المديونية الخارجية، وأن يتم إحلال التمويل من الصندوق محل المديونيات قصيرة الأجل ومرتفعة التكلفة، بحيث يتم الاستغناء عن القروض ذات الأجل القصير، دون ذلك هو مع الدعم الفنى.

Related Articles