فاطمة إبراهيم
أكد الخبراء أهمية اتجاه البنوك لتمويل مشروعات الاقتصاد الأخضر، لما لها من مردود على البيئة، لاسيما فيما يتعلق بتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، والذى ينعكس بشكل إيجابى على ترشيد استهلاك الطاقة وهو هدف قومى تسعى وزارة الكهرباء للوصول إليه .
وقد اتخذت بنوك مصر خطوات قوية للتوسع فى التمويل الأخضر تحسينا لمستوى المعيشة والحد من المخاطر البيئية وتعزيز القيمة المضافة للبيئة، ويأتى البنك العربى الأفريقى الدولى على رأس البنوك التى تولى أهمية لتمويل الطاقة الخضراء بصورة سريعة وقوية.
كما تخطط مصر لإنشاء سوق للسندات الخضراء بهدف التصدى للتغيرات المناخية، ودعم نمو المشاريع الخضراء فى مصر. وتعتبر السندات الخضراء من خيارات التمويل المتاحة لشركات القطاع الخاص وكيانات القطاع العام الراغبة فى دعم الاستثمارات المناخية والبيئية.
والسندات الخضراء هى سندات تخصص عوائدها لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة مثل مشروعات الطاقة المتجددة والأعمال الزراعية والمنشآت الخضراء ومشاريع كفاءة استخدام الطاقة.
وقد نظم اتحاد المصارف العربية مؤتمرا حول استراتيجيات البنوك المركزية والبنوك نحو التحول للصيرفة الخضراء.
وأشارت المصادر لـ”الإيكونوميست المصرية ” إلى أن العديد من البلدان النامية تواجه عقبات من أجل جذب رأس المال للاستثمار الأخضر نظرا لعدم وجود الوعى الكافى وضعف القدرات التقنية للمؤسسات المالية؛ على سبيل المثال، العديد من البنوك ليست على دراية بهيكل الأرباح والمخاطر الخاص بالاستثمارات الخضراء، مما يجعلها تحجم عن منح القروض اللازمة أو تقديم منتجات تمويل مناسبة. ومع تزايد شعبية التمويل الأخضر، فإنه من المتوقع أن تتكيف المؤسسات المالية بسرعة مع متطلبات تمويل المشروعات الصديقة للبيئة.
وقد حصلت مصر على موافقة صندوق المناخ الأخضر لتمويل 3 مشروعات، بأكثر من 350 مليون دولار، منها مشروع برنامج توسيع نطاق تمويل المناخ لدى القطاع الخاص من خلال المؤسسات المحلية، بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة للتوسع فى تمويل مشروعات تخفيف الانبعاثات فى شكل قروض ميسرة للقطاع الخاص للدخول فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.
ومن أمثلة البنوك الخضراء على مستوى دول العالم، الهند والتى أطلق أحد بنوكها مبادرة عبر 57 فرعا له للقيام بعمليات سحب وإيداع وتحويلات عبر ماكينات ATM واستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل تلك الماكينات وتدوير مخلفات الورق، بالإضافة لهولندا التى اشترطت تقديم تمويل للشركات التى تراعى مبادئ الاستدامة البيئية والثقافية والاجتماعية، بخلاف بنوك بالولايات المتحدة الأمريكية والتى اشترط أحد بنوكها فتح حساب عن طريق زرع شجرة.
من جانبه قال محمد الأتربى رئيس بنك مصر إن الصيرفة الخضراء تشجع على تبنى الممارسات الصديقة للبيئة وتسهم فى الحد من الآثار السلبية للتغير المناخى بما يعيد توازن النمو العالمى ويعزز من دور الاستدامة كمفهوم مستقبلى يحمل فى طياته فرص نمو للمجتمع والبيئة وقطاع الأعمال بأكمله.
وأشار الأتربى إلى أنه لاشك فى أن التمويل المستدام يتيح فرصا واعدة لنمو المؤسسات المالية، ويوفر أفقا أكثر رحابة للتوسع، وتحقيق نمو مادى من خلال تمويل مشروعات الطاقة النظيفة والترشيد الأمثل لاستخدام الطاقة، بالإضافة إلى تمويل الصناعات الصغيرة والمشروعات متناهية الصغر.
وأكد الأتربى أنه على الصعيد الدولى هناك جهود تبذل من جانب مجموعة العشرين ومجموعة الدول السبع والأمم المتحدة ومجلس الاستقرار المالى بهدف تشجيع جهود إقامة نظام مالى مستدام وتعزيز فرص نمو الاقتصاد الأخضر الذى يراعى الضوابط البيئية، وقد أدى ذلك إلى اتخاذ خطوات جادة على طريق إرساء أساس لإقامة نظام مالى مستدام، وتشجيع ممارسات التمويل المستدام على نحو يدمج التمويل مع الاحتياجات المجتمعية والبيئية لتحقيق نمو وتنمية متوازنة.
وأشار رئيس بنك مصر إلى إعلان البنك الدولى فى تقرير له صدر فى ديسمبر عام 2017 أنه بإمكان أسواق رأس المال أن تلعب دورا أساسيا فى تعبئة التمويل اللازم لدعم التزامات اتفاق باريس المناخى، وتعتبر السندات الخضراء من خيارات التمويل المتاحة للمؤسسات الراغبة فى دعم الاستثمارات المناخية والبيئية، وتسمى السندات الخضراء بذلك لأن عوائدها تستخدم لتمويل المشاريع الخضراء مثل مشاريع الطاقة النظيفة أو مشروعات النقل الحكومية التى تقلل من الانبعاثات.
وأضاف الأتربى: “إن الحديث عن مفهوم الاقتصاد الأخضر يدفعنا بالضرورة للحديث عن مفهوم التنمية المستدامة، حيث يعتبران وجهين لعملة واحدة، وأن الاقتصاد الأخضر جاء كمقترح يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
من جهته أكد جمال نجم نائب محافظ البنك المركزى أن وضع الاستراتيجيات التى تركز على التمويل الأخضر والتنمية المستدامة أمر يسير، إلا أن الأهم هو وضع آليات لتنفيذ هذه الاستراتيجيات .
وعرف نجم الصيرفة الخضراء بأنها تقديم دعم مالى منخفض التكلفة طويل الأجل يقلل من انبعاث الكربون ويحافظ على البيئة.
فيما أكدت د. داليا عبد القادر رئيس قطاع الاستدامة والتسويق والإعلام بالبنك العربى الأفريقى الدولى أن البنوك مؤسسات هادفة للربح وليس من الضرورى عليها أن تدعم المشروعات المتوافقة مع البيئة، والتى تحقق التنمية المستدامة، ولذلك لابد أن تحقق عوائد من هذه التمويلات، وهو ما يحتم وجود مبادرة لتحفيز الصيرفة الخضراء من الرقيب والمشرع فى الدولة.
وأضافت د. داليا عبد القادر أن التحول نحو الصيرفة الخضراء يأتى من التشريعات والمنظمين، وليس من القطاع المصرفى وبالتالى لابد من وجود توجه من الدولة.
من جانبه أكد عطية سالم رئيس البنك الزراعى المصرى سابقا أن البنوك تمول المشروعات صديقة البيئة، ولكن ليس بالقدر الكافى، مشيرا إلى أن هذه النوعية من التمويل فى حاجة إلى التنسيق بين البنوك ووزارة البيئة والتنمية المحلية، للاتفاق على الخطوط العريضة لما لها من مردود قوى فى صالح الدولة .
وأشار سالم إلى أن المشروعات الصديقة للبيئة؛ مثل استخدام الطاقة البديلة والطاقة الشمسية، تساعد على توفير وترشيد استهلاك الطاقة، منوها إلى أن البنوك لديها توجهات لتمويل المشروعات التى لها مردود على الدولة وليس لديها أى مشكلة فى ذلك، مؤكدا أن هذه المشروعات يطلق عليها “الاقتصاد الأخضر” ومن بينها تمويل مشروعات توليد الطاقة من مخلفات الحيوان.
ولفت رئيس البنك الزراعى المصرى سابقا إلى أن الاهتمام بمشروعات الاقتصاد الأخضر يخلق نوعية جديدة من التمويل بالبنوك، ويساعد المصانع على التوجه نحو تحسين البيئة والحفاظ عليها.
فى الشأن نفسه، قال محمد بدرة الخبير المصرفى إن البنوك تمول هذه المشروعات ولكنها ليست من ضمن أولويات التمويل، لأن أغلب المسئولين عن ملفات الائتمان ليس لديهم فكرة واضحة عن اقتصادات المشروعات صديقة البيئة، منوها إلى أن الاقتصاد الأخضر لا يقتصر فقط على المشروعات صديقة البيئة، ولكن يرتبط أيضا بمشروعات ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة.
وأضاف بدرة أن مسئولى البنوك بعيدة عن تمويل هذه المشروعات، على الرغم من أهميتها لاسيما أن الدولة تسعى لترشيد استهلاك الطاقة، وتستهدف توليد الطاقة من المصادر المتجددة والنظيفة بعيدا عن مصادرها التقليدية.
وذكر الخبير المصرفى أنه يجب تكاتف وزارات الكهرباء، والبيئة بالاضافة إلى البنك المركزى لنشر الوعى بأهمية تمويل مشروعات الاقتصاد الأخضر والآثار الإيجابية التى تنتج عن ذلك، لافتا إلى أنها تعد هدفا قوميا حيث أعلنت وزارة الكهرباء أنها تستهدف إنتاج 20% من استهلاكنا من الطاقة من مصادرها النظيفة وهذا لن يتحقق إلا بتمويل البنوك لهذه النوعية من المشروعات، مشيرا إلى أن تمويلها فى الوقت الحالى يعتمد على المعونات والقروض الخارجية .
فيما أوضح أحمد سليم الخبير المصرفى أن مشروعات الاقتصاد الأخضر كتوليد الطاقة من مصادرها النظيفة كبيرة وتحتاج إلى تمويل ضخم وتأخذ وقتا طويلا إلى حد ما، مشيرا إلى أنها إذا كانت قصيرة الأجل أو متوسطة فلا مانع من دخول البنوك فى تمويلها.
وأضاف سليم أن الدولة ومؤسساتها هى من تقوم الآن بمثل هذه المشروعات والبنوك فى هذه الحالة لن تمانع فى تمويلها، موضحا أن البنوك تعانى من نقص الكفاءات فى تمويل هذه النوعية من المشروعات، ولكن يمكن للبنوك اللجوء إلى ذوى الخبرة والمراكز البحثية فى البداية.
وتابع الخبير المصرفى أنه يمكنها أيضا استقطاب هؤلاء الخبراء وتوظيفهم لديها كمعظم المجالات الجديدة التى اقتحمتها البنوك، مشيرا إلى وجود كوادر مصرفية مصرية خبيرة وتعمل فى هذا المجال ويمكن للبنوك المصرية جذبهم لخدمة بلدهم والعمل فى البنوك المصرية.