الإيكونوميست المصرية
كيف دعم البنك المركزى والجهاز المصرفى الاقتصاد المصرى قبل وبعد أزمة كورونا؟

كيف دعم البنك المركزى والجهاز المصرفى الاقتصاد المصرى قبل وبعد أزمة كورونا؟

منال المصرى

يعمل البنك المركزى والجهاز المصرفى على القيام بدورهما الرئيسى فى مساندة الاقتصاد المصرى عبر توفير التمويلات اللازمة لتمويل المشروعات التنموية، والصغيرة والمتوسطة، ودعم القطاع الخاص والعملاء والشباب سواء قبل أو بعد تداعيات فيروس كورونا المستجد.
ويواصل البنك المركزى والبنوك دورهم فى دعم القطاعات الاقتصادية المتضررة من أزمة فيروس كورونا المستجد، من خلال العديد من المبادرات المختلفة سواء من إرجاء سداد الأقساط 6 أشهر، أو إلغاء العمولات على السحب والإيداع.
وانحاز البنك المركزى إلى قرار تغليب المصلحة العامة على حساب تحقيق ربحية مرتفعة، حيث أدت المبادرات ذات الفائدة المدعمة إلى تكبد البنك المركزى خسائر على مدار آخر عامين حيث تحمل خسائر بقيمة تجاوزت 62 مليار جنيه على مدار عامين تتراوح بين 30.7 مليار جنيه فى نهاية العام المالى الماضى يونيو 2019، وكذلك تكبد خسائر بقيمة 31.8 مليار جنيه فى العام المالى السابق له يونيو 2018 .
كما أدت البنوك وخاصة العامة، وفى مقدمتها بنكا الأهلى المصرى ومصر، دورا رئيسيا فى دعم السياسة النقدية ودعم المجتمع عبر طرح شهادات مرتفعة العائد مثل الشهادة 20% أو 16% التى تسببت فى تآكل أرباحها فى سبيل ضبط السوق وتحقيق السياسة النقدية خططها الإصلاحية، ومازال هذان البنكان يقومان بدورهما فى دعم العملاء من خلال طرح شهادة مرتفعة العائد 15% لدعم صغار العملاء فى الحصول على عائد مجزٍ فى ظل تداعيات أزمة فيروس كورونا على حياتهم المعيشية.

مبادرات المركزى لدعم الشباب قبل كورونا
بادر البنك المركزى على مدار 4 سنوات الماضية بإطلاق حزمة من المبادرات المختلفة بفائدة مدعمة لتحفيز البنوك على دعم المشروعات الإنتاجية، ودعم الشرائح المجتمعية المختلفة وخاصة من شريحة الشباب بهدف تشغيل أيدٍ عاملة وزيادة معدلات الإنتاج.
وأطلق البنك المركزى مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل نهاية عام 2015 بقيمة 200 مليار جنيه لمنح تسهيلات ائتمانية بسعر عائد 5% متناقص للمنشآت الصغيرة، ثم قرر رفع الشريحة التمويلية إلى 360 مليار جنيه.
كما أدرجت المبادرة تمويل الآلات والمعدات للشركات والمنشآت المتوسطة التى تعمل فى مجالى الصناعة والزراعة بتمويل متوسط وطويل الأجل بسعر عائد 7% متناقصة.
كما خصص البنك المركزى بالمبادرة مبلغ 10 مليارات جنيه بسعر عائد 12% متناقصة لتستخدمها لمنح تسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل لتمويل رأس المال العامل للشركات والمنشآت المتوسطة التى تعمل فى المجال الصناعى والتصنيع الزراعى والطاقة الجديدة المتجددة.
وألزم البنك المركزى البنوك بتخصيص نسبة 20% من محافظها الائتمانية لتمويل تلك الشركات خلال 4 سنوات من تاريخ صدور تلك التعليمات. وفى مايو 2017، تم السماح للبنوك بإضافة التمويل للمشروعات متناهية الصغر بتلك الفئة إلى نسبة الــ 20% المشار إليها سلفا.
وكذلك أتاح البنك المركزى مبادرة للتمويل العقارى بفائدة مدعمة متناقصة لشريحتى محدودى الدخل بفائدة تتراوح بين 5% و7%، ومتوسطى الدخل بفائدة 8%، ثم تم إدراج شريحة فوق متوسطى الدخل بفائدة 10.5% لتوسيع دائرة المستفيدين بهدف توفير مسكن مناسب للشباب.
وكما أصدر البنك المركزى مبادرة فى شهر فبراير 2017، لتمويل الشركات والمنشآت السياحية التى ترغب فى إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحى بسعر فائدة بسيطة متناقصة 10%، بفترة سداد حدها الأقصى 10 سنوات.
كما أطلق البنك المركزى صندوقا لتمويل المشروعات الابتكارية برأس مال مليار جنيه مبدئيا بهدف دعم أفكار الشباب الإبداعية وتم إعفاؤهم من عبء الفائدة، فضلا عن مبادرة رواد النيل لدعم أفكار الشباب على مستوى المحافظات المختلفة.
وطرح البنك المركزى مبادرة إسقاط الفوائد على الديون المتعثرة على الشركات أو الأشخاص الاعتبارية بهدف مساعدة هذه القطاعات على العودة للعمل مرة أخرى.

دور البنوك فى دعم مبادرات المركزى
سارعت البنوك فى دعم مبادرات البنك المركزى سواء مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، أو مبادرة التمويل العقارى لمحدودى ومتوسطى الدخل بهدف دعم رؤية البنك المركزى فى دعم الاقتصاد المصرى والشباب.
وضخت البنوك تمويلات بقيمة 180 مليار جنيه فى مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر على مدار 4 سنوات، وفقا لما صرح به فى وقت سابق طارق عامر محافظ البنك المركزى.
كما ضخت البنوك تمويلات فى مبادرة التمويل العقارى بقيمة تجاوزت 26 مليار جنيه لمحدودى الدخل خلال آخر 5 سنوات ساهمت فى تمويل أكثر من 220 ألف وحدة سكنية فى مناطق مختلفة.
وجاءت بنوك الأهلى المصرى ومصر والتعمير والإسكان والقاهرة فى مقدمة البنوك فى دعم مبادرات البنك المركزى بنسبة استحواذ تصل إلى 80% وذلك لدورهم فى دعم رؤية البنك المركزى.

لماذا لجأ المركزى لاستخدام الاحتياطى النقدى مع بدء كورونا؟
أطلت تداعيات انتشار فيروس كورونا على الأسواق العالمية، مما أدى إلى تراجع التدفقات الدولارية على مصر من مواردها الرسمية مثل توقف تدفقات السياحة بسبب توقف حركة الطيران، وكذلك تراجع حصيلة الصادرات فضلا عن تواصل عمليات التخارج لاستثمارات الصناديق المالية الأجنبية من الأسواق الناشئة وكذلك الأسواق المصرية خلال شهر أبريل 2020، وإن كانت بوتيرة أقل من الشهر السابق الذى شهد ذروة تخارج المحافظ الاستثمارية.
وانعكست هذه التداعيات على فقدان الاحتياطى من النقد الأجنبى نحو 9.4 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر “مارس وأبريل ومايو” الماضية، لينخفض الاحتياطى النقدى إلى 36 مليار دولار مقابل 45.5 مليار دولار بنهاية فبراير، ليتراجع من أعلى مستوى له على الإطلاق، بعد سلسلة ارتفاعات استمرت 14 شهرا.
وقال البنك المركزى إن استخدام هذه المبالغ من الاحتياطى لسداد التزامات دولية خاصة بالمديونية الخارجية للدولة، وكذلك خروج بعض المستثمرين من خلال آلية البنك المركزى لتحويل أموال المستثمرين الأجانب.
وأشار البنك المركزى إلى أن استخدام هذه المبالغ يأتى من منطلق دوره فى الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية وفى ظل الأوضاع الاقتصادية المضطربة عالميا مع استمرار تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأوضح أن عمليات التخارج لاستثمارات الصناديق المالية الأجنبية من الأسواق الناشئة، وكذلك الأسواق المصرية تواصلت خلال شهر أبريل، ولكن بوتيرة أقل من شهر مارس والذى شهد ذروة تخارج المحافظ الاستثمارية.
من جانبه قال محمد عبدالعال الخبير المصرفى إن استخدام البنك المركزى 9.4 مليار دولار من الاحتياطى النقدى يبعث برسالة قوية للعالم على قدرة مصر على تجنب الصدمات بين العرض والطلب التى نجمت عن تداعيات فيروس كورونا المستجد السلبية على اقتصادات دول العالم.
وأضاف عبد العال أن العالم تلقى رسالة طمأنينة من قدرة البنك المركزى على الإيفاء بالتزامات مصر الخارجية، وسداد المستحقات فى مواعيد استردادها مما يبرهن على احترام مصر لتعهداتها.
وأوضح أن البنك المركزى استمر خلال المرحلة الماضية فى تكوين احتياطى كبير من النقد الأجنبى منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، بهدف استخدامه عند نشوب أى أزمة مثل التى يمر بها العالم حاليا.
وذكر عبد العال أن استخدام البنك المركزى للاحتياطى من أجل سد احتياجات السوق المصرية يعد أمرا محتما ولا يعتبر سلبيا فى الاقتصاد، حيث إنه من وظائف الاحتياطى النقدى اللجوء إليه عند الضرورة وليس الاحتفاظ به، وهو ما فعلته بعض البنوك المركزية الأخرى عندما اتخذت إجراءات استثنائية لتنشيط الاقتصاد.
وأشار إلى أن لجوء البنك المركزى لاستخدام الاحتياطى سيسهم فى استقرار سعر الجنيه أمام باقى العملات الأجنبية خلال هذه الفترة التى تشهد تراجعا كبيرا فى موارد النقد الأجنبي، وهو حق أصيل لجميع البنوك المركزية فى العالم بأن تتدخل فى أوقات الأزمات لضبط السوق وحماية عملتها، والقضاء على بوادر سلبية.
وقال عبد العال إن استخدام الاحتياطى يعد أفضل سيناريو فى الوقت الراهن، وذلك بعيدا عن الاتجاه إلى الاقتراض الخارجى بسعر فائدة مرتفع، خاصة أن رصيد الاحتياطى لا يزال يغطى واردات مصر لفترة 8 أشهر بعد الاستخدام، وبالتالى هو أعلى من المعايير الدولية بتغطية واردات 3 أشهر كحد أدنى، مما يعزز من جدارتها الائتمانية.

ونستعرض مجموعة قرارات المركزى لدعم الاقتصاد المصرى لمواجهة كورونا:

1- خفض أسعار الفائدة 3% لتصل إلى 9.25% للإيداع، و10.25% للإقراض.
2- الموافقة على طرح شهادة 15% فى بنكى الأهلى المصرى ومصر بهدف صرف عائد مجزٍ على مدخرات المصريين.
3- إتاحة البنوك الحدود الائتمانية اللازمة لمقابلة تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية بما يضمن تلبية طلبات الشركات المستوردة لها وعلى وجه الخصوص السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق.
4- إتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات.
5- دراسة ومتابعة القطاعات الأكثر تأثرا بانتشار الفيروس، ووضع خطط لدعم الشركات العاملة بها.
6- تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للقروض لمدة 6 أشهر، وعدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخر فى السداد.
7- وضع خطط عاجلة لزيادة الحدود الائتمانية مع البنوك الخارجية بما يضمن استمرار توفير التمويل اللازم لعمليات التجارة الخارجية.
8- إطلاق مبادرة لتأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية للبنوك على العملاء من المؤسسات والأفراد (تشمل القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصى) وذلك لمدة 6 أشهر، مع عدم تطبيق عوائد أو غرامات إضافية على التأخر فى السداد.
9- إطلاق مبادرة جديدة للمتعثرين من الأفراد الطبيعيين والذين تصل مديونياتهم إلى أقل من مليون جنيه، لتمكينهم من التعامل مجددا مع الجهاز المصرفى، بما يسهم فى رفع قدرتهم الشرائية وتعزيز الطلب المحلى، حيث سيدفعون نصف المديونية مقابل إسقاط النصف الآخر والفوائد المهمشة.
10- تخصيص 100 مليار جنيه لتمويل قطاع الصناعة بفائدة 8% متناقصة لدعم القطاع الخاص فى قطاع الصناعة والمقاولات والزراعة.
11- خفض الفائدة على مبادرة قطاع السياحة من 10% إلى 8% وتخصيص 3 مليارات جنيه من إجمالى شريحة المبادرة 50 مليار جنيه لتمويل رواتب وأجور الموظفين والعاملين فى هذا القطاع.
12- تخصيص البنك المركزى ضمانة بقيمة 100 مليار جنيه فى مبادرة دعم القطاع الخاص بهدف تحمل مخاطر عدم السداد عن البنوك وتحفيزهم على ضخ تمويلات فى المبادرة.
13- إلغاء الرسوم والعمولات على السحب والإيداع باستخدام ماكينات الصراف الآلى وكذلك رسوم التحويلات لمدة 6 أشهر تنتهى فى سبتمبر المقبل.
14- مبادرة البنك المركزى لتمويل ونشر 100 ألف ماكينة نقط بيع على مستوى الجمهورية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *