الإيكونوميست المصرية
غرور الإنسان……….. بقلم: محمد فاروق

غرور الإنسان……….. بقلم: محمد فاروق

بقلم: محمد فاروق

قبل أن يصاب العالم بفيروس كورونا، كان الإنسان، وخاصة فى الدول المتقدمة، يعيش زهوا زائفا ووهما هائلا باعتقاده الخاطئ بأن قدراته العلمية تجاوزت الخيال وإمكانياته الفذة تخطت كل الحدود.
فقد وصل الإنسان لعنان السماء وناطح السحاب وغزا الفضاء واقتحم البحار وشق الجبال وعمّر الصحراء واستخرج الكنوز والمعادن من أعماق الأرض واستثمر الرياح وروّض الوحوش، وصارت الذرات والخلايا والجينات والهندسة الوراثية لعبة سهلة فى يديه، وأصبحت اختراعاته المبهرة تخرج كل ما هو جديد للنور كل ثانية، ولكن للأسف وكطبع الإنسان، فقد غرته اختراعاته وضللته نجاحاته وخدعته إنجازاته وأوهمته قوته وظن أنه لاغالب له ويستطيع تحقيق كل رغباته بدون حد أقصى والدفاع عن نفسه أمام أى تحد أو خطر.
نعم نحن جميعا استطاع التقدم أن يخدعنا بزهوه وبريقه وأعمى أبصارنا عن رؤية حقائق كانت تتجلى لنا بوضوح كل يوم عندما كان يقف العلم عاجزا أمام إرادة المولى عز وجل وأمام الكوارث الطبيعية وأمام أمراض ليس لها علاج، وغيرها وغيرها، لكننا كنا نتغافل عن تلك الحقائق، إلى أن داهمنا هذا الفيروس الضعيف فى تكوينه القوى فى تأثيره الواضح فى رسالته، ففيروس هزيل لا يُرى بالعين المجردة مغلف بغشاء دهنى واهن يذوب برغوة صابون أو مسحة كلور أو رذاذ كحول، يتسبب فى تعطيل معظم مظاهر الحياة على الكوكب، وإغلاق حدود الدول كافة، ووقوف العالم كله بعلمه وعلمائه وإمكانياته وقدراته الهائلة أمام هذا الفيروس عاجزا عن مواجهته حائرا فى التعامل معه.
ليس هذا فحسب، بل أمعن الفيروس فى تفسير رسالته وتوضيحها بأن اختص الدول العظمى والغنية والمتقدمة بقوته واستوحش عليها وفتك بها ليخرج منها العدد الأكبر من الوفيات والمصابين.
بالفعل إنه عالم ضعيف وإنسان أضعف لا يقوى على حماية نفسه من مجرد فيروس هش، والله تعالى لم يذكر لنا قصص الأمم السابقة للتسلية لكن للعبرة، ولكننا ننسى أو نتناسى، ألم يقهر الله من قبل أصحاب الفيل بحجارة ترميها الطير؟ ألم يقهر قوم عاد بغبار تحمله الريح؟ ألم يقهر قوم ثمود بصيحة أعقبتها رجفة فماتوا فى أماكنهم؟
والغريب أن الله تعالى يرسل جنوده للإنسان فى صورة أشياء يألفها وليست غريبة عليه كما أنها ليست بالشىء القوى القاهر، فتارة حجارة وأخرى ريح وأخرى مياه والآن وبعد أن صرنا نتلاعب بالفيروسات أرسل لنا فيروسا بسيطا لنعتبر ونفوق من سباتنا ونتخلص من تكبرنا وغرورنا.
وبإذن الله تعالى ستمر هذه الكبوة وستنقضى هذه المحنة، ولكن الأهم أن نعى الرسالة وندرك مدى ضعفنا وأن الملاذ الآمن لنا دائما وأبدا هو الله عز وجل، فلا نتكبر ولا يصيبنا الغرور، فالله تعالى قال فى كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم: “سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين” صدق الله العظيم. فلنتفهم الآيات والعبر ولا نكن من الغافلين، ولا نغتر ولا نتكبر بسبب نعم وهبها الله لنا وهو وقادر على أن يسلبها منا فى لحظة، فمن يمنح يمنع.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *