الإيكونوميست المصرية
عمر صبور: السوق العقارية بمصر قوية وستستمر الشركات المحترفة فقط

عمر صبور: السوق العقارية بمصر قوية وستستمر الشركات المحترفة فقط


عمر صبور ينطلق فى القطاع الهندسى والعقارى بسرعة الصاروخ مستمدا خبرته من مدرسة المهندس حسين صبور الهندسية التى أصبحت بحق أكاديمية تعليمية شاملة، ومن المتوقع أن نرى قريبا شهادات تمنح للمهندسين باجتيازهم دورات تدريبية متقدمة من تلك الأكاديمية.. ذلك ما يفكر فيه عمر صبور هذا الشاب الذى يتميز بالجدية الشديدة والرؤية المستقبلية المتفائلة بواقعية خبرة اكتسبها من خلال تواجده كنائب لرئيس أكبر مكتب استشارات هندسية فى مصر وفوق كل ذلك المخزون المعرفى الكبير ليس فى المجال الهندسى فقط ولكن لكافة أوضاع السوق العقارية فى مصر.
وفى هذا الحديث الشامل لمجلة “الإيكونوميست المصرية” مع المهندس عمر صبور نتعرف فيه على أفكاره ورؤيته بشأن العديد من القضايا المهمة ومستقبل الاستثمار العقارى وأسباب التباطؤ الحالى فى هذه السوق الحيوية، والإجابة عن السؤال المهم: هل يمكن أن تحدث فى مصر فقاعة عقارية مثلما حدثت فى العديد من دول العالم؟ وإلى نص الحديث:

كتب: أشرف الليثى
• ما أهم الصفقات التى تمت مؤخرا لمكتب صبور؟
خلال الفترة الماضية، كان لدينا تركيز شديد على المشروعات القومية وخاصة المشروعات التى تتضمن شبكات كهرباء والمرافق والصرف الصحى، وكان لدينا تكثيف قوى على تدعيم هذه القطاعات الحيوية خاصة فيما يتعلق بالتصميمات والتنفيذ لتلك المشروعات، وأصبح لدى مكتب صبور فريق عمل بقيادة رئيس القطاع ومعه مجموعة من المهندسين يبلغ عددهم 180 مهندسا من إجمالى ألف مهندس هم قوة المكتب، وأصبحوا من أكفأ المهندسين فى مصر وذلك من خلال التدريب المستمر، ووصلت هذه الإدارة الآن إلى مستوى مشرف لدرجة أن هناك اقتراحا الآن تحت الدراسة أنه مادام يتم تدريب طلبة الكليات الهندسية وذلك من خلال مجموعة من البروتوكولات الموقعة مع الجامعات المختلفة فهناك تفكير آخر لإقامة دورات تدريبية متخصصة للمهندسين فى الشركات المختلفة ومنحهم شهادة معتمدة ويتضمن الاقتراح أيضا بأن تصبح هناك أكاديمية متخصصة تبدأ ببرامج فى القطاعات الخاصة بالبنية التحتية ثم تتوسع بعد ذلك فى قطاعات أخرى.

• ما دمت قد ذكرت المشروعات القومية، هل ترى أن هذه المشروعات كانت ضرورية لمصر الآن وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومحطات الكهرباء والطرق ومشروعات إسكان الشباب والتأمين الصحى واستصلاح الأراضى مليون ونصف مليون فدان؟
معروف للجميع أن المصريين منذ آلاف السنين وهم يعيشون على نسبة أقل من 6% من مساحة مصر الكلية والوضع أصبح الآن غير محتمل أن يستمر أكثر من 100 مليون يعيشون على تلك المساحة الضيقة حول ضفتى النيل، ولم يكن هناك مفر من الامتداد العمرانى الذى أصبح مسألة لا تحتمل التأجيل، والتوقعات تشير إلى أننا سوف نصل إلى 150 مليون نسمة فى 2030 فكيف يمكن للوادى الضيق أن يتحمل هذه الأعداد الضخمة؟ وأنا مستغرب من الذين يهاجمون تلك المشروعات على أساس أنها اختيار، والحقيقة أنها لم تكن كذلك بل أصبحت ضرورة ملحة ولا تقبل التأجيل وليس هناك بديل عنها، واختيار العلمين اختيار ذكى جدا فهى منطقة تصلح لجميع الأنشطة ودائما الامتداد العمرانى يبنى على أساس نشاط معين ولكن هذه المنطقة تصلح لإقامة أنشطة صناعية وزراعية وأنشطة أخرى عديدة تستطيع أن تجذب ملايين السكان للتوطين فيها.
وإذا تحدثنا عن مشروع محور قناة السويس وإنشاء قناة سويس جديدة والذى تأخر تنفيذه سنوات طويلة وكان من المفروض أن يتم منذ سنوات عديدة، فهو من المشروعات الحيوية جدا والذى ستظهر نتائجه المبهرة مستقبلا حيث إنه لا يعقل أن تمر أكثر من 10% من التجارة العالمية من القناة ويقتصر استفادتنا منها على مجرد تحصيل الرسوم فقط، ولذلك فهذا المشروع الذى يعتبر أهم مشروع قومى على الإطلاق من الممكن أن يتسبب فى خير غير عادى لمصر لأنه سوف يجذب العديد من المستثمرين والصناعات العالمية، ومكتب صبور متواجد أيضا فى هذا المشروع من خلال تعاونه مع عدد من الشركات التى ستعمل فى محور القناة.
وأنا مع فكرة المشروعات القومية بصفة عامة بل أؤيد بشدة المشروعات المؤجلة مثل المثلث الذهبى “قنا سفاجا القصير” الذى سيخصص للصناعات التعدينية واستخدام ميناء سفاجا أو القصير للتصدير أو لخدمة هذا المشروع بصفة عامة وهو مشروع فكرته عظيمة وكان قد بدأ يتحرك ثم توقف وأتمنى أن يعود مرة أخرى وأن يحظى باهتمام الحكومة الحالية.

• ماذا يميز مكتب صبور للاستشارات الهندسية عن باقى المكاتب الاستشارية الأخرى؟
مصر بها الكثير من المكاتب الاستشارية المحترمة جدا، ومكتب صبور واحد منها وربما أول صفة تميزه أنه من أقدم هذه المكاتب، وهو أنشئ عام 1957، والمهندس حسين صبور يمتاز بأنه، بجانب الخبرة الهندسية وصاحب مكتب هندسى به كوادر عظيمة فى كافة التخصصات، لديه رؤية اقتصادية شاملة وهذا يساعد فى كثير من المشروعات، وذلك أهم ما يميز مكتب صبور، والميزة الأخرى أننا نقوم بصفة دائمة بتطوير نشاطنا ولا نقتصر على مرحلة محددة، ومع دخول أفكار وعقول هندسية جديدة دائما ما نتطور معها ونقوم بتأسيس إدارات جديدة بصفة عامة، بجانب أننا نزيد أنشطة على الإدارات القائمة؛ وعلى سبيل المثال نتواجد الآن وبشكل قوى جدا فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، وفى النهاية هناك ميزة كبرى أننا نعمل بنظام مؤسسى بمعنى أن المهندس حسين صبور يؤدى دورا قياديا وإداريا فيما يخص العناوين العريضة والاستراتيجية ولكن فى داخل المؤسسة نجد أن العمليات تعمل بشكل مؤسسى فهناك مدير عام على كفاءة عالية جدا هو الذى يتولى إدارة العمليات وهناك رؤساء قطاعات كل منهم مسئول عن قطاع معين وكل مسئول لديه مساحة كبيرة من العمل والإبداع واتخاذ القرار المناسب كل فى تخصصه.. وميزة العمل المؤسسى أنه مهما كبر حجم العمل فإنك فى النهاية تستطيع أن تستوعبه بل وتقبل المزيد.

• هل هناك مشروعات فى الوقت الحالى لمكتب صبور خارج مصر؟
ليس لدينا هذا الاهتمام فى الوقت الحالى رغم أننا خرجنا بالفعل فى الثمانينيات فى مشروعات كثيرة فى ألبانيا وفى فلسطين ونفذنا وصممنا مطار فلسطين فى غزة واعتبرناه مشروعا قوميا عربيا، وفى موريتانيا وعدد آخر من الدول الأفريقية، وكان لدينا مكتب فى ليبيا وفى سوريا إلا أنهما متوقفان الآن نتيجة الظروف الحالية.
ولدينا استعداد للعمل خارج مصر إذا كانت هناك فرصة حقيقية، إلا أن حجم العمل فى مصر فى الوقت الحالى لا يجعلنا نفكر فى التوجه خارجها ومصر بها الآن حجم أعمال ضخمة ونتوقع أن يكون هناك مزيد من الأعمال أيضا خلال المرحلة المقبلة.


• من خلال موقعك كنائب رئيس لأكبر مكتب استشارى هندسى فى مصر، كيف ترى مستقبل الاستثمار العقارى هنا؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نوضح حقيقة مهمة؛ أن هناك احتياجا حقيقيا للسكن فى مصر لا يقل عن 600 ألف طلب سنويا لتلبية احتياجات الزيجات الجديدة فقط، والمهم فى المرحلة المقبلة هو التركيز على الفئات التى لم تحصل على الخدمات بالشكل الكافى وخاصة الإسكان المتوسط لأن هذا المجال متسع جدا وبه نشاط ضخم ولفترات طويلة ولكن لابد من توفير أراض بأسعار مناسبة حتى يتم جذب المطورين العقاريين لهذا القطاع المهم، وعلى الدولة التفكير جديا فى تقديم أراض بأسعار مناسبة للإسكان المتوسط لأنه فى النهاية ستكون هناك خدمة مزدوجة للعملاء من أبناء الطبقة المتوسطة ولشركات التطوير العقارى التى ستدخل بقوة فى هذا المجال.
المشكلة الحقيقية فى الإسكان الاقتصادى، لأنه حتى الآن لم نصل إلى المعادلة التى تجعل المطورين العقاريين يقومون بتنفيذ وحدات إسكان تكون فى مقدور هذه الطبقة من الجمهور، ولا توجد منظومة فى مصر تساعد على تنفيذ بناء هذه الوحدات خاصة أن التمويل العقارى فى مصر يقدم قروضا بفائدة مرتفعة للغاية وبطىء فى إجراءاته.

• كثر الحديث هذه الأيام عن احتمالات حدوث فقاعة عقارية، فهل يمكن أن تقع فى مصر هذه الظاهرة؟
لا أتوقع أن يحدث فى مصر فقاعة عقارية لعدة أسباب: أولا: غالبية المتعاملين فى السوق العقارية يشترون من أموالهم الخاصة وليس بالاقتراض لأن منظومة التمويل العقارى فى مصر ليست منتشرة مثل باقى الدول التى حدث بها فقاعات عقارية وخاصة الولايات المتحدة التى وقع بها الأزمة المالية عام 2008 بسبب أن الناس هناك كانوا يشترون عقارات بقيمة تفوق كثيرا قدراتهم الحقيقية والبنوك كانت تقدم لهم قروضا ضخمة وبتيسيرات وعندما توقفوا عن السداد حدثت الفقاعة العقارية. ثانيا: يوجد هنا فى مصر احتياج دائم وحقيقى للسكن ولذلك مازال هناك طلب حقيقى على العقار. ثالثا: فى مصر توجد سوق عقارية قوية وجاذبة لدرجة أن هناك عددا غير قليل من المحترفين أو المتخصصين يدخلون هذه السوق وينجحون وتستوعبهم السوق لدرجة أن الاحترافية أصبحت ليست ضرورية فى هذه السوق.

• هل التباطؤ فى وتيرة الاستثمار العقارى فى مصر الآن يعتبر شيئا طبيعيا؟
هذا التباطؤ الحالى لا يزعجنى بالمرة وأنا على ثقة فى أن الشركات القوية لن تعانى من تلك الحالة وإذا تذكرنا أن نفس الحالة واجهت السوق العقارية فى مصر نهاية التسعينيات وبداية العشرينيات وحدثت عملية تصحيح ذاتى وخرجت الشركات الضعيفة أو الهواة واستقرت السوق بعد ذلك.
وإذا نظرنا إلى وضع السوق فإنه فى الحقيقة ليس هناك تباطؤ فى عملية البيع أو التسويق ولكن الواقع أن السوق تقوم بعملية تصحيح ذاتى لأوضاعها ولذلك فمن المتوقع ألا يستمر سوى الشركات المحترفة والتى تستطيع أن تعمل وتنجح، أما الهواة أو عديمو الخبرة فسيواجهون مشاكل ومتاعب، ومن وجهة نظرى أن هذا هو الوضع السليم وهذه هى الحالة الصحية، لكن ما كنا فيه من قبل ليست حالة سليمة، إلا أن السوق العقارية فى مصر مازالت قوية والطلب فيها مرتفع وهناك إقبال وعمليات شراء أيضا، ولكن ليست مثلما كانت خلال السنوات القليلة الماضية.

• أى المناطق المرشحة مستقبلا لزيادة الإقبال عليها فى الاستثمار العقارى؟
هناك عدة مناطق مرشحة بقوة لزيادة الإقبال عليها؛ تأتى منطقة المستقبل فى مقدمتها والساحل الشمالى، وكذلك مدن القناة أو جانبا القناة ستكون أيضا من المناطق الواعدة ولكنها لم تظهر بعد وذلك لأن محور قناة السويس والمنطقة الاقتصادية سوف تحقق انطلاقة كبرى خلال الفترة المقبلة خاصة أن هناك إقبالا كبيرا من جانب المستثمرين والشركات الأجنبية الكبرى على الاستثمار فى تلك المناطق، وهناك أيضا الامتدادات فى المدن التقليدية مثل دمياط الجديدة والمنصورة وأسيوط والمنيا الجديدة، والطلب على الوحدات السكنية والتجارية فيها ضخم للغاية، وهناك شركات عقارية بدأت تتجه إلى تلك المدن.

• أى المجالات التى تتوقع أن يحدث فيها زيادة إقبال من جانب المطورين العقاريين والمستثمرين خلال المرحلة المقبلة؛ سكنى أم تجارى أم إدارى أم سياحى؟
السكنى سيظل له الاهتمام الأكبر من جانب المطورين العقاريين، وبالنسبة للقطاع السياحى لنا تجربة فيه ولكنها لم تكن سعيدة وذلك لأن سوق السياحة فى مصر متقلبة وليست ثابتة وهناك مناطق تتأثر بالعوامل الخارجية والتى لا يكون لنا يد فيها، وبالنسبة للاستثمار الإدارى هناك مشكلة واضحة بشأنه هى أن عددا كبيرا من المشروعات والمكاتب الإدارية تستخدم العقارات السكنية لأنها بالنسبة لها أوفر وأرخص عن الوحدات الإدارية رغم أن ذلك مخالف للقانون لأن المبنى الإدارى سعره أعلى بكثير من المبانى السكنية وأى مطور عقارى يجد صعوبة فى تسويق الوحدات الإدارية لارتفاع سعرها ولتفضيل الشركات استخدام المبانى السكنية، ومن يقبل فقط على الإسكان الإدارى هى الشركات الأجنبية وأيضا الشركات الكبرى التى لا تعرف ثقافة المخالفة، وإذا استطعنا جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والشركات الكبرى سيكون من السهل تنشيط سوق الإسكان الإدارى، وبالنسبة للإسكان التجارى فهو مطلوب وبشكل كبير وهناك احتياج لهذا النوع من الاستثمارات.

هل السوق العقارية فى مصر مازالت جاذبة للمستثمرين من خارج مصر؟
مازالت السوق المصرية جاذبة، فمادام هناك طلب ستجد مستثمرين، ولكن كى نجذب مستثمرين أجانب بصفة عامة فلابد من توفير مناخ جاذب للاستثمار، وهناك الآن خطوات جادة حقيقية بدأت تتخذ فى مصر ولكن مازال ينقصنا الكثير؛ مثل تحسين وتطوير المنظومة الضريبية وتغيير الثقافة بالنسبة لقطاع الضرائب بصفة عامة، حيث إنه حتى الآن ينظر للممول على أنه متلاعب ولص ولابد من تطوير مهارات مأمورى ومحصلى الضرائب وتحسين مناخ الاستثمار وتوفير مناخ جاذب، وهذا مسئولية جهات عديدة وليس مسئولية وزارة الاستثمار فقط.

Related Articles