فاطمة إبراهيم
كيف يمكن التحول لمجتمع غير نقدى مثل المجتمعات المتقدمة التى تنخفض بها تعاملات الكاش؟ وما التحديات التى تواجه مصر للتحول لمجتمع لانقدى؟ وما الفوائد التى ستعود على مصر من تحقيق ذلك؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها “الإيكونوميست المصرية” على عدد من المصرفيين للتعرف على الإجابة.
أكد المصرفيون أن السبيل لتحقيق ذلك هو تغيير ثقافة المجتمع، والعمل على إضافة مادة للتعاملات البنكية إلى المناهج الدراسية لتعريف النشء بالتعاملات البنكية.
وأشاروا إلى ضرورة تحذير الأفراد من خطورة الاحتفاظ بالكاش واستثمار أموالهم لدى شركات توظيف الأموال التى عادت من جديد وتعرضهم لعمليات نصب، لافتين إلى أن انخفاض التعاملات النقدية وزيادة التعاملات البنكية يساعد على دمج الاقتصاد الموازى فى نظيره الرسمى، وزيادة موارد الدولة وإظهار الحجم الحقيقى للاقتصاد المصرى، زيادة نسب السيولة فى البنوك.
ويبلغ عدد من يمتلكون حسابات من البالغين فى مصر نسبة 33%، وتبلغ نسبة الفجوة بين النساء والرجال فى امتلاك الحسابات البنكية 12%، وتصل إلى 21% فجوة بين الأغنياء والفقراء.
أما عن دفع فواتير المرافق فنسبة 57% من البالغين عالميا قالوا إنهم يدفعون بشكل منتظم فواتير المياه والكهرباء وجمع القمامة فى الـ 12 شهرا الأخيرة.
وبلغت نسبة دفع الفواتير فى الدول مرتفعة الدخل 77% وفى الدول النامية 53% قاموا بهذا، مع مساهمة تبدأ من 28% من جنوب الصحراء وحوالى 70% من شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا ووسط آسيا.
وفى الدول مرتفعة الدخل الغالبية العظمى من هؤلاء يقومون بدفع فواتيرهم مباشرة من خلال حسابات بنكية.
وفى الدول النامية فواحد من كل أربعة يدفع فواتير المرافق مباشرة من حساباته، والنسبة تعد منخفضة للغاية فى مصر وهى مختلفة عن غيرها من الاقتصاديات النامية التى ترتفع بها نسبة دفع فواتير المرافق من خلال الحسابات.
طارق عامر محافظ البنك المركزى أكد أن 32% من الأشخاص البالغين يملكون حسابات بنكية، فيما وصل عدد المشتركين فى خدمة تحويل الأموال عبر المحمول إلى 9 ملايين مشترك.
وأضاف عامر أن هناك خطة لرفع معدلات القروض إلى الودائع من النسبة الحالية البالغة بين 40% و45% إلى نسبة بين 60% و65%.
وقال إن هناك خطة لدى البنك المركزى لدفع نمو المدفوعات الإلكترونية وطرح مبادرات لدعم التمويل متناهى الصغر إلى جانب مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تستهدف تمويل 20 مليون مواطن بدلا من 8 ملايين مواطن حاليا، مشيرا إلى أن حجم المشروعات الصغيرة الذى تم خلال عام بلغ 17 ألف مشروع بحجم تمويلات بلغ 19 مليار جنيه.
وقد نظم البنك المركزى بالتعاون مع سفارة السويد بالقاهرة وسفارة مصر بستوكهولم والمجلس السويدى للتجارة والاستثمار زيارة رسمية إلى السويد وذلك بهدف تبادل الخبرات والتعرف عن قرب على التجربة السويدية الناجحة فى مجال التحول للانقدى، وسبل الاستفادة منها لتحقيق المزيد من التقدم فى التكنولوجيا المالية بالسوق المصرية الواعدة.
من جانبها قالت لبنى هلال نائب محافظ البنك المركزى إن البنك عازم على مواصلة السير نحو تحقيق الريادة فى التكنولوجيا المالية من أجل تحقيق المستهدف الرئيسى وهو وصول المدخرات إلى كافة طبقات المجتمع خاصة الطبقات المهمشة من أجل التنمية الرشيدة والمستمرة، وذلك من خلال خلق المناخ اللازم لنمو التكنولوجيا المالية وتطورها، بجانب الاستفادة من التجارب الدولية الواعدة فى هذا المجال مثل التجربة السويدية التى تقدم نموذجا يمكن الاستفادة منه بشكل كبير فى تحقيق المزيد من التقدم نحو التحول إلى مجتمع أقل اعتمادا على أوراق النقد، موضحة أن المباحثات مع الجانب السويدى تناولت سبل التعاون لنقل خبراتهم وتجاربهم فى هذا المجال إلى مصر.
وتأتى الزيارة فى إطار دور البنك المركزى لتحفيز التحول نحو الاقتصاد الرقمى، والتوسع فى تقديم خدمات التكنولوجيا المالية، لمد مظلة الشمول المالى وتحقيق أكبر استفادة ممكنة لأكبر عدد من المواطنين، حيث تتميز التكنولوجيا المالية بأنها منخفضة الرسوم، وموفرة للوقت، وسهلة الاستخدام.
فيما أفاد عدنان الشرقاوى نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى سابقا بأنه لتحويل تعاملات المجتمع المصرى إلى لانقدية فإن ذلك يتطلب تغيير ثقافة المجتمع، ولابد من البدء من المدارس، والسماح للقصر بفتح حسابات تحت رعاية والدهم، مشيرا إلى أنه مازالت توجد فئة من المجتمع لا تفضل التعامل مع البنوك وتفضل التعاملات الكاش وتحتفظ بأموالها تحت البلاطة.
وأضاف أنه يجب أيضا تحذير الناس من شركات توظيف الأموال التى عادت مرة أخرى وتمنح فوائد بين 25% و30%، مؤكدا على ضرورة إرسال حملات توعية بالصعيد للتعريف بخطورة الاحتفاظ بالأموال والتأكيد على أهمية التعامل مع البنوك.
وطالب الشرقاوى بتغيير العملة المحلية بما يجبر الأفراد على إخراج المليارات التى تحت البلاطة، والعمل على فتح حسابات بنكية فى الجهاز المصرفى، موضحا أن كل ما يقال عن مفهوم الشمول المالى لن يكون له جدوى أو نتيجة على الأرض بدون إدراج التعاملات المصرفية فى المناهج الدراسية بالمدارس والجامعات.
وأشار نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى سابقا إلى أن التحول من المجتمع النقدى إلى اللانقدى سيكون له فوائد عديدة من حيث ضم الاقتصاد الموازى إلى الاقتصاد الرسمى، مما يؤثر على نسب السيولة فى البنوك، وزيادة إيرادات الدولة، من سداد الضرائب والتأمينات، مشددا على ضرورة تغيير لغة الخطاب بكل ما يناسب الشريحة المستهدفة، فالحوار مع مجتمع الصعيد لا يناسب الشباب الجامعى، وهكذا فكل فئة لها لغة للتحاور معها وإقناعها.
ولفت الشرقاوى إلى أنه إلى الآن لم تزد الحسابات المصرفية على 10 ملايين حساب وهى ضئيلة بالمقارنة بأعداد السكان الذين يحق لهم فتح حسابات مصرفية ويصل عددهم لنحو 60 مليون نسمة.
من جانبه أوضح طارق حلمى عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن الدولة تركز على خفض تعاملات الكاش، والتحول إلى مجتمع لانقدى، ولذلك تتبنى تطبيق مفهوم الشمول المالى الذى يهدف إلى زيادة المتعاملين مع الجهاز المصرفى، بحيث يكون لهم حسابات مصرفية وتكون تعاملاتهم المالية إما من خلال الشيكات أو التحويلات.
وأوضح حلمى أن ثقافة التعامل بالنقد منتشرة فى الريف والأقاليم، حتى أن المعاملات التجارية الكبيرة تتم أيضا نقدا، نظرا لعدم الثقة فى الشيكات فى فترة التسعينيات أن تكون بدون رصيد أو غير ذلك، مؤكدا أنه يوجد حاليا التحويلات الكاش عن طريق شركات الاتصالات من خلال التعاملات الإلكترونية.
ولفت عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس إلى أهمية بناء الثقة فى التعاملات البنكية للتغلب على عدم تفضيل الأفراد دخول البنك، والبنك المركزى حاليا يعمل على نشر الشمول المالى، ولو استمر الأمر كذلك سيحقق النتيجة المرجوة، مطالبا بالإعلان فى التليفزيون، والإذاعة بأهمية التعامل فى المعاملات التجارية.
وعن أهمية التحول للتعاملات غير النقدية، نوه حلمى إلى أن ذلك يساعد على دمج الاقتصاد غير الرسمى الذى يعادل أكثر من ثلثى الاقتصاد الرسمى فى المنظومة الرسمية، فضلا عن خفض تكلفة طباعة النقود الورقية والتى تستهلك سريعا لسوء الاستخدام.
أما محمد بدرة الخبير المصرفى فقال إن مصر تعانى من أن جزءا كبيرا من الاقتصاد غير الرسمى يتعامل نقدا، حيث إنه لا يتعامل مع البنوك، ومن ثم لا يسدد التزاماته تجاه المجتمع، مشيرا إلى أنه عن طريق الشمول المالى نحاول دمج المنظومة غير الرسمية للاقتصاد الرسمى عن طريق الحوافز.
وأضاف بدرة أن المجلس الأعلى للمدفوعات الإلكترونية، وتشجيع البنوك للأفراد على فتح حسابات بنكية بدون رسوم، ومبادرة إعفاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الضرائب لمدة خمس سنوات كلهم يساعدون على التحول إلى المجتمع اللانقدى.
وأضاف الخبير المصرفى أن ذلك يساعد على معرفة حجم الاقتصاد الحقيقى، وسد عجز الموازنة، وزيادة موارد الدولة، وتحسين الخدمات للصرف جيدا على الصحة والتعليم.