الإيكونوميست المصرية
جذور المشكلة “2”..استعادة الثقة…بقلم: محمود البسيونى

جذور المشكلة “2”..استعادة الثقة…بقلم: محمود البسيونى

بقلم: محمود البسيونى
المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية

يواجه العالم أزمة ثقة فى المؤسسات فى جميع القطاعات وعلى كافة المستويات، أزمة خلقت حلقة مفرغة تقوض النمو الاقتصادى والتماسك الاجتماعى، فلدى العديد شعور متزايد بعدم الرضا من أزمة عالمية مختلقة ومكاسب اقتصادية إن تحققت فلن يتم تقاسمها بشكل عادل، وقلق متزايد بشأن عدم توافر فرص عمل فى المستقبل.
دعونا نتفق أن النمو الاقتصادى هو أن نقوم بزيادة الإنفاق على السلع والخدمات، فيحتاج المنتجون ومقدمو الخدمات إلى المزيد من الاستثمارات لتوسيع نشاطهم وتوفير فرص عمل لإنتاج المزيد من السلع وتقديم المزيد من الخدمات، ولذلك لابد أن يكون المستثمرون على استعداد لوضع ثقتهم فى مناخ الأعمال ومؤسسات الدولة وأن يكون لديهم إيمان قوى بأن هناك من سيحمى مصالحهم ويضعها فى المقام الأول، وذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق أفضل نتيجة للجميع.
أرى أن هناك أزمة ثقة بين المستثمرين ومؤسسات الدولة؛ فلدى المستثمرين تاريخ طويل وشعور عميق ومتزايد بأن ثمار المكاسب الاقتصادية يجب أن تعود عليهم فقط لأن زيادة الإيرادات الضريبية وموارد الدولة الناتجة عن تلك المكاسب لن تعود بالنفع على أحد فى صورة صحة وتعليم وحماية اجتماعية. ولدى مؤسسات الدولة قناعة بأن تشجيع الاستثمار يقتصر على توفير أسعار طاقة وعمالة مناسبة، وعدد هائل من المستهلكين، ولا يحق للمستثمرين طلب المزيد…
إن التحول الرقمى وجهود الدولة فى ميكنة المعاملات الضريبية على سبيل المثال هى جهود مشكورة ولها أثر إيجابى ولكنها غير كافية لاستعادة الثقة، وأرى أن أفضل منشط لرصيد الثقة المستنفد هو زيادة الشفافية. لابد من توفير كافة الإمكانيات المتاحة لدعم مؤسسات الدولة وتقويتها بحيث يكون لديها لوائح واضحة وبسيطة وآليات لضمان فعالية القرارات ونزاهتها وموضوعيتها، وأن تكون جميع المؤسسات خاضعة للمساءلة، ولديها من الشفافية بحيث لا يمكنها حجب أو إخفاء أى شىء عن الأنظار، ويجب وضع نظم مرتبات وحوافز لموظفى ومسئولى تلك المؤسسات يضمن ممارستهم لأعمالهم بفاعلية والقيام بمسؤولياتهم على أفضل وجه بعيدا عن الفساد والنفوذ غير المبرر وتضارب المصالح وهو الأمر الذى سيزيد من ثقة المجتمع فى قدرة تلك المؤسسات وقدرتها على اتخاذ القرارات اللازمة للنهوض بالصالح العام وتحقيق الرفاهية وإحراز تقدم بشأن الوظائف ونمو الإنتاجية والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص وتغير المناخ وغيرها من التحديات الاقتصادية الملحة.
إن استعادة الثقة لن تكون عملية سريعة أو سهلة، ولدينا ظروف اقتصادية قد تمنعنا من توفير هذه البيئة ولكن لابد من أن نبدأ الآن لتتمكن الأجيال القادمة من إحداث التغيير الجذرى وترى بدون عناء …. جذور المشكلة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *