الإيكونوميست المصرية
تعظيم سلام………. بقلم: أشرف الليثى

تعظيم سلام………. بقلم: أشرف الليثى

بقلم : أشرف الليثى

ربما لم يتعرض تقييم لبرنامج إصلاح اقتصادى لقوى خارجية مثلما تعرض لها برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى بمجرد الانتهاء من مرحلته الأولى فى نوفمبر 2019 حتى جاءت جائحة كورونا لتضعه تحت أقوى وأهم اختبار، ولكن ثبت بالدليل القاطع أنه لولا هذا الإصلاح لكان مصير عشرات الملايين من الشعب المصرى وربما الدولة المصرية كلها فى مهب الريح.
هبت علينا أعاصير جائحة كورونا ووضعنا الاقتصادى جيد، هناك أكثر من 45 مليار دولار احتياطى من العملات الأجنبية لدى البنك المركزى تكفى لسد الاحتياجات الأساسية من السلع الاستراتيجية لمدة تزيد عن 9 أشهر وهذا لم يحدث من قبل، وهناك سعر صرف واحد ومستقر للجنيه المصرى أمام باقى العملات الأجنبية وهذا ربما يحدث لأول مرة فى التاريخ الحديث، وعلاوة على كل ذلك هناك معدلات نمو إيجابية للاقتصاد المصرى كان مخططا لها أن تصل إلى ما يقرب من 6% مع نهاية العام الحالى، وانخفاض فى معدلات التضخم إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشرين عاما لتصل إلى 6.7% تقريبا، وانخفاض فى معدلات البطالة إلى أقل من 9%، علاوة على مؤشرات أخرى مثل زيادة حجم الودائع لدى البنوك وزيادة معدلات الأرباح فى الجهاز المصرفى بنسب متفاوته، كل هذا ساعد الدولة المصرية على أن تواجه الجائحة بقوة وصلابة وبشفافية، فقررت القيادة السياسية توجيه 2% من الناتج المحلى الإجمالى لمواجهة تلك الجائحة وتم تخصيص 100 مليار جنيه لهذا الغرض ولتعويض العمالة المؤقتة وتم صرف 500 جنيه لكل شخص شهريا والتكفل بسداد مرتبات جميع العاملين فى الحكومة والقطاع العام رغم وجودهم فى منازلهم بالإضافة إلى توفير كافة الأدوية للمصابين بفيروس كورونا بالمجان وفتح المستشفيات والعزل بالمجان.
من أجل كل هذا جاء تصنيف جميع مؤسسات التقييم العالمية، سواء جى بى مورجان أو ستاندرد اند بورز أو موديز أو فيتش، للاقتصاد المصرى أنه الوحيد الذى احتفظ بثقة المستثمرين بالمنطقة وتم تثبيت التقييم السيادى والتصنيف الائتمانى لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد المصرى.
وأكد صندوق النقد الدولى أن الاقتصاد المصرى هو الوحيد فى اقتصادات المنطقة الذى سيحقق نموا إيجابيا فى نهاية العام الحالى.
لم يكن هذا الإصلاح سهلا ولا طريقه مفروشا بالورود وإنما كان قاسيا مثل الدواء المر ولكن كان الرهان الأساسى على قدرة الحكومة على السير إلى نهاية المشوار وعدم التكاسل والارتكان فى منتصف الطريق مثلما كان يتم من قبل مع جميع برامج الإصلاح التى تم تنفيذها من قبل ولكنها للأسف لم تكن تكتمل لآخر الطريق.
وعلينا بعد انتهاء هذه الجائحة أن نقف جميعا ونقيم ما فات ونخطط لما هو قادم، فليس معنى أننا نجحنا فى المرحلة الأولى من الإصلاح أننا وصلنا إلى نهاية المطاف ونتوقف ونكتفى بهذا القدر، فطريق الإصلاح ممتد وطويل ولا يقف عند نقطة محددة خاصة أن الهدف الرئيسى أن نصل إلى خطة التنمية الشاملة 2030 وهو هدف أصبح تحقيقه ليس صعبا وأيضا ليس سهلا، ولكننا الآن على أول الطريق الصحيح ولابد أن نكمل المشوار دون تراخٍ.
وفى النهاية، لابد من تعظيم سلام للقيادة السياسية التى خططت وتحملت هذا القرار الصعب وللقيادة التنفيذية التى تحملت الانتقادات واستمرت فى تنفيذ سياسة الإصلاح، وتعظيم سلام لمحافظ البنك المركزى الذى اتخذ أصعب وأجرأ قرار وهو تعويم الجنيه المصرى وتحمل تبعاته كاملة خاصة أن هذا القرار كان هو المفتاح الرئيسى لنجاح برنامج الإصلاح.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *