الإيكونوميست المصرية
بقلم – غادة طلعت
إن للابتكار دور فعال باعتباره واحداً من محركات النمو الاقتصادى وتحسين الإنتاجية، وترسيخ خطوات التحول نحو اقتصاد المعرفة، إضافة إلى دوره فى مواجهة التحديات التى تواجه الحكومات والشركات. لذا يجب علينا زيادة الاهتمام بالاستثمار فى البحث والتطوير، لأن البحث والتطوير يعد أهم عنصر من عناصر الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وذلك من خلال زيادة الاستثمارات فى كل الاتجاهات وأيضا فى كل قطاعات التكنولوجيا المتقدمة الرئيسية. ويرتبط الإبداع أو العملية الإبداعية بالابتكار Innovation وهو الطرق أو الأساليبالجديدة المختلفة الخارجة أو البعيدة عن التقليد سواء كانوا من الأفراد او المؤسسات التى تستخدم فى عمل أو تطوير الأشياء والأفكار. وهو عملية عقلية تعبر عن التغييرات الكمية والجذرية أو الجوهرية فى التفكير، وفى الإنتاج أوالمنتجات، وفى العمليات أوطرق وأساليب الأداء، وفى التنظيمات والهياكل.
واليوم وفى بيئة الأعمال سريعة التغير، أصبح الإبداع والابتكار جوهرياً من أجل البقاء، ولأن بقاء المنظمة أو المؤسسة الاقتصادية هدف رئيسى، فالمنظمة التى لا تمتلك القدرة على الإبداع والابتكار فى مجال عملها ستواجه – بالتأكيد – تحديات كبيرة وصعبة، وذلك لأن منافسيها يقومون بالابتكار والتحسين المستمر لمنتجاتهم وخدماتهم وعملياتهم. لهذا فإن الإبداع والابتكار من أولويات اهتمام المنظمات فى جميع المجالات.
• ماذا لو أصبح لدينا الاستراتيجية الوطنية للابتكار؟
تهدف هذه الاستراتيجية الوطنية للابتكار إلى تحفيز الإبداع والابتكار فى القطاعات السبعة التى تعتمد اعتماداً أساسياً على الابتكار فى تحقيق أهدافها الاستراتيجية وهى:
الطاقة المتجددة، والنقل، والتعليم، والصحة، والتكنولوجيا، والمياه، والفضاء.
وتتضمن الاستراتيجية، التى تعمل ضمن أربعة مسارات متوازية، 30 مبادرة وطنية للتنفيذ خلال السنوات الثلاث المقبلة، كمرحلة أولى تشمل مجموعة من التشريعات الجديدة، ودعم حاضنات الابتكار، وبناء القدرات الوطنية المتخصصة، ومجموعة محفزات للقطاع الخاص، وبناء الشراكات العالمية البحثية، وتغيير منظومة العمل الحكومى نحو مزيد من الابتكار، وتحفيز الابتكار فى 7 قطاعات وطنية.
إن الاستراتيجية الوطنية للابتكار هى أولوية وطنية للتقدم وأداة رئيسة لتحقيق رؤية 2030، ومظلة جامعة للطاقات والكوادر المتميزة والفاعلة فى مصر حيث يجب علينا الإبداع فى المجالات كافة، وتقديم منتجات وخدمات حقيقية ترتقى بالحياة وتدفع بالاقتصاد لآفاق جديدة. وتعمل الاستراتيجية من خلال أربعة مسارات متوازية، حيث يركز المسار الأول على إرساء بيئة محفزة للابتكار، من خلال توفير بيئة مؤسسية وتشريعات محفزة وداعمة للابتكار، والتوسع فى دعم حاضنات الابتكار، والتركيز على البحث والتطوير فى مجالات الابتكار، وتوفير بنية تحتية تكنولوجية تدعم وتحفز الابتكار فى القطاعات كافة، أما المسار الثانى فيركز على تطوير الابتكار الحكومى من خلال تحويل الابتكار الحكومى لعمل مؤسسى وتطوير منظومة متكاملة من الأدوات الحديثة لمساعدة الجهات الحكومية على الابتكار وتوجيه جميع الجهات الحكومية بخفض مصروفاتها بنسبة 1% ليتم تخصيصها لدعم مشروعات الابتكار وإطلاق برامج تدريبية وبرامج حرفية مهارية وتعليمية فى مجال الابتكار على مستوى الدولة.
ويركز المسار الثالث للاستراتيجية الوطنية للابتكار على دفع القطاع الخاص نحو مزيد من الابتكار، عبر تحفيز الشركات على إنشاء مراكز الابتكار والبحث العلمى، وتبنى التكنولوجيات الجديدة، وتشجيع ودعم الشركات الوطنية لتنمية منتجات وخدمات مبتكرة، واستقطاب الشركات العالمية الرائدة فى مجال الابتكار فى كل القطاعات ذات الأولوية الوطنية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الدولة مركزاً عالمياً لاختبار الابتكارات الجديدة وإنشاء مجتمعات ومناطق مخصصة للابتكار فى بعض القطاعات وتشجيع المؤسسات الحكومية والخاصة البحثية للتركيز على البحوث التطبيقية فى القطاعات ذات الأولوية الوطنية.
المسار الرابع للاستراتيجية الوطنية للابتكار يركز على بناء أفراد يمتلكون مهارات عالية فى الابتكار من خلال بناء المواهب والقدرات الوطنية فى مجال الابتكار، مع التركيز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، واستحداث مواد تعليمية فى المدارس والجامعات خاصة بالابتكار، وترسيخ ثقافة وطنية تشجع على الابتكار وريادة الأعمال، وتحترم وتكافئ الإقدام على المخاطرة من خلال التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص. وستركز الاستراتيجية الوطنية للابتكار على سبعة قطاعات وطنية لتحفيز الابتكار من خلالها، ففى مجال الطاقة المتجددة ستركز على تشجيع الابتكار فى الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والنظيفة بالإضافة لتعزيز الأبحاث التطبيقية فى مجال التكنولوجيا النظيفة، وترسيخ منظومة جديدة تعتمد على اللامركزية فى توليد الطاقة.
وفى مجال النقل، ستركز الاستراتيجية على تحفيز الابتكار فى مجالى النقل الجوى والبحرى، والخدمات والمدن اللوجيستية، بهدف تقديم منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة، وزيادة فاعلية الإجراءات، واختصار الأوقات فى الربط بين شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه، كما تركز الاستراتيجية أيضاً على الابتكار فى مجال المركبات والطائرات من دون طيار.
وفى مجال التعليم، ستعمل الاستراتيجية على تشجيع الابتكار فى التعليم من خلال تزويد الطلبة بمهارات القرن الـ21، كالتفكير النقدى، وحل المشكلات، والإبداع، والابتكار، والمثابرة، والقدرة على التكيف، وغيرها، بالإضافة إلى إنشاء مختبرات ابتكار فى
المدارس والجامعات لتشجيع الاختراعات.أما فى المجال الصحى، فستعمل الاستراتيجية على تشجيع الابتكار فى مجالات تقديم خدمات صحية وعلاجية باستخدام التكنولوجيا المتقدمة وتشجيع تطوير الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية، بالإضافة إلى العمل مع الشركاء الاستراتيجيين على تنمية قطاع الأبحاث الطبية لعلاج الأمراض السائدة.كما ستركز الاستراتيجية الوطنية للابتكار على تشجيع الابتكار فى مجال معالجة تحدى ندرة المياه، بالإضافة إلى الابتكار فى الأبحاث والتكنولوجيا فى مجال استكشاف الفضاء وتطوير التكنولوجيا فى مجال الاتصالات والأقمار الاصطناعية، إضافة إلى الأبحاث الخاصة بنقل تكنولوجيا الفضاء للاستخدامات الأرضية، وذلك من خلال المؤسسات المتخصصة فى الدولة، بهدف تطوير قطاع الفضاء كأحد القطاعات الجديدة فى الاقتصاد الوطنى. وقد أعلنت وزارة التعليم العالى، تقدم مصر إلى المرتبة 95 فى مؤشر الابتكار العالمى للعام 2018، الذى تصدره المنظمة الدولية للملكية الفكرية (الوايبو)، ويعد تقدم مصر إلى هذه المرتبة قفزة فى ترتيبها خلال السنوات السبع الأخيرة حيث حصلت العام الماضى على الترتيب 105. وذلك التقدم جاء نتيجة جهود كبيرة من كل الجهات، حيث ارتفع عدد طلبات براءات الاختراع فى مكتب براءات الاختراع عام 2017 بمعدل نمو 10.4% ، كما ارتفع عدد براءات الاختراع الصادرة من مكتب براءات الاختراع المصرى فى عام 2017 للمصريين والأجانب بمعدل نمو 29.3% عن العام الماضى، وبلغ إجمالى عدد البراءات الصادرة عن مكتب البراءات 582 فى عام 2017 مقارنة بـ 450 فى عام 2016. ونجحت مصر فى حصد 13 ميدالية مختلفة فى معرض جنيف الدولى للابتكار بسويسرا، دليلاً على امتلاك مصر مجموعة من الشباب القادرين على خلق مستقبل مشرق يضىء بسواعد أبنائها.
