الإيكونوميست المصرية
الإصلاح الاقتصادى درع الوطن….بقلم: محمد فاروق

الإصلاح الاقتصادى درع الوطن….بقلم: محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق
عندما كنا نتحدث عن برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر ومزاياه بل وضرورته، كان هناك من يعتقدون أن هذا البرنامج أضر بالمصريين ولم يشعر المواطن البسيط بنتائجه وإيجابياته، وكذلك آخرون رأوا أنه كان من الأفضل أن يتم تنفيذه لكن ببطء وعلى مراحل أطول، وكنا وقتها نرد برصد الأرقام وذكر الحقائق والاستشهاد بالبيانات التى تؤكد فوائد برنامج الإصلاح وضرورة تنفيذه بمثل هذا الأسلوب وتلك السرعة، ورغم ذلك ظل هؤلاء وهؤلاء متمسكين بمواقفهم وآرائهم، إلى أن داهمتنا اللحظة التى لم يستعد لها سوى أصحاب الرؤية الثاقبة، وفاجأنا الوقت الذى لم يحسب له رافضو الإصلاح أى حساب، وصرنا مطالبين بأن نواجه إعصار ركود اقتصادى لم يشهده العالم منذ عقود طويلة.
ففى ديسمبر 2019، هاجم فيروس كورونا الصين وسرعان ما انتشر فى باقى دول آسيا وأوروبا وأمريكا ومنطقة الشرق الأوسط، وما هى إلا أشهر معدودة حتى تسيد الفيروس العالم، ولم يعد صوت يعلو فوق صوت كورونا، فأغلقت كل دول العالم أبوابها، وتوقفت تقريبا كل مظاهر الحياة فوق معظم أجزاء كوكب الأرض إلا من الخدمات الطبية والوظائف الحيوية. ولم يستغرق هذا وقتا طويلا، فكل هذه الأمور تصاعدت بسرعة لم يتخيلها أحد.
والأغرب أننا رأينا دولا كبرى واقتصادات عتيدة تنهار أمام هذا الفيروس، ولم يعد بإمكانها حتى معالجة أبنائها، ووجدنا الرئيس التركى أردوغان الذى طالما تغنى بالأمانة والشرف والنبل، يسقط من عليه قناع العفة ويظهر وجهه الحقيقى ويستولى على شحنة طبية تضم أجهزة تنفس صناعى وإمدادات طبية كانت على متن طائرة متجهة من الصين إلى إسبانيا التى يفترسها فيروس كورونا. وكأن هذا الفيروس جاء ليجرد المدعين من ثياب الفضيلة التى يتوارون وراءها، ويظهر هشاشة أنظمة وضعف دول لم نتصور سقوطها بهذه السرعة.
وفى خضم هذه الأحداث الملتهبة المتسارعة، وكما أظهر فيروس كورونا كل هذه الإخفاقات، أظهر أيضا بُعد نظر القيادة المصرية حين أصرت على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى بل وسرعة وتيرته، فبعد فضل الله تعالى، اتضح أنه لولا بدأت مصر هذا البرنامج قبل 3 سنوات، لكنا الآن نستجدى عطف الآخرين ونمد أيدينا لطلب المساعدات العاجلة والإنقاذ السريع.
فعلى الرغم من توقف العديد من موارد الدولة من السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج والاستثمارات الأجنبية، إلى جانب الإنفاقات الاستثنائية لمواجهة فيروس كورونا من تخفيف العمالة ودفع مرتباتها بالكامل، واستقدام المصريين العالقين فى الخارج والتكفل بتكاليف المقيمين فى العزل الطبى، وتقديم الخدمات الطبية للمرضى، وتوفير المستلزمات الطبية، ومواصلة أعمال التعقيم فى كل الأماكن، ومساعدة العمالة غير المنتظمة وغيرها، فإن المواطن البسيط لم يشعر بأى نقص فى أى نوع من أنواع السلع أو الخدمات المقدمة له فلم تنقص مثلا من الأسواق سلعة غذائية واحدة رغم تزامن انتشار الفيروس مع قدوم شهر رمضان المعظم.
كما أظهر الفيروس معدن مصر الأصيل، حيث لم تتوان عن مد يد العون وتقديم المساعدات للدول المتضررة من فيروس كورونا مثل الصين وإيطاليا وأمريكا.
والآن ونحن ننعم بالأمان فى بلدنا، ألم يتبادر إلى ذهننا ماذا كنا سنفعل لو لم ننفذ برنامج الإصلاح الاقتصادى؟
فالاحتياطى الأجنبى أصبح يغطى واردات مصر لمدة 9 أشهر، مقارنة بـ 3 أشهر فقط قبل بدء البرنامج، حيث كان 17 مليار دولار فى 2016 وصار 45.5 مليار دولار قبل كورونا مباشرة.
وماذا كان سيحدث للدولار لو لم نسرع بعملية تحرير سعر الصرف؟ وماذا كان سيحدث للتضخم لو لم نهبط به إلى هذا المستوى فى 2019 ، حيث بلغ 4.3% فى سبتمبر الماضى، مقارنة بنحو 30% فى بداية برنامج الإصلاح.
يكفى أن صندوق النقد الدولى أكد أن كل دول العالم ستحقق نموا بالسالب هذا العام، عدا 18 دولة فقط هى التى ستحقق نموا إيجابيا…. تخيلوا من ضمنها مصر!!!
اشعروا بقيمة بلدكم، واعطوا كل ذى حق حقه، وتأكدوا أن الطمأنينة والراحة التى ننعم بها هذه الأيام هى نتاج ما تحملناه خلال فترة برنامج الإصلاح الاقتصادى المنقذ.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *