الإيكونوميست المصرية
محمود البسيونى: مصر مؤهلة لدعم أفريقيا لتلبية احتياجاتها الغذائية

محمود البسيونى: مصر مؤهلة لدعم أفريقيا لتلبية احتياجاتها الغذائية

هادئ وصارم، تشعر أنه قريب منك بمجرد التعرف عليه من الوهلة الأولى، بسيط وعميق فى نفس الوقت، وكلما غصت فى أعماقه اكتشفت قوة الشخصية والحرفية المهنية وثقافته فى المجالات المتعددة، ربما عمله فى بداية حياته العملية مديرا لائتمان الشركات بأحد البنوك الأجنبية العاملة فى مصر قد منحه نظرة ثاقبة، وأيضا التحاقه بالأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” بعد ذلك وإدارته لأهم مشروعات قطاع التصنيع الزراعى أكسبه خبرة كبيرة فى مجال التنمية وتطوير القطاعات الصناعية ومنحه أيضا خبرة تتعدى الحدود لتصقل شخصيته الثرية تلك الأرض الممهدة لاستقبال ثقافات وخبرات مختلفة من جنسيات متعددة، كل هذا صقل شخصية محمود البسيونى المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية والذى نجح فى إحداث نقلة نوعية فى الغرفة منذ التحاقه بها عام 2017 .
بمجرد ما تحدثت مع الأستاذ محمود البسيونى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية، استهوتنى شخصيته وحاولت محاورته للغوص فى أعماقه للتعرف على المخزون الحضارى والثقافى والمهنى بداخله خاصة أنه يجمع ما بين كونه خبيرا اقتصاديا بمضمونه الشامل وأديبا مثقفا وقارئا ممتازا لكافة أنواع الآداب والفنون والثقافات وله كتاباته المتنوعة فى العديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.
ومن ناحيتى حرصت قبل أن أحاوره على أن أتعرف عليه من خلال آراء بعض الأشخاص الذين يعملون معه باختلاف ثقافاتهم؛ فقالت “أ.س” :”إن محمود البسيونى شخصية خدومة وجدع جدا يساعد أى شخص بلا حدود خاصة فريق العمل الذى يعمل معه يكون دائما سندا لنا جميعا ولذلك يحظى بشعبية طاغية وسط جميع العاملين فى الغرفة وهذا الحب الذى يحظى به يكون بمثابة قوة الدفع الحقيقية لمواصلة الليل بالنهار دون التقيد بعدد ساعات العمل علاوة على تميزه أيضا بالهدوء والرزانة والحكمة فى تقديره للأمور كلها واأيضا ثقافته واطلاعه المستمر وقراءاته المتعددة، كل هذا يساعده على اتخاذ القرار المناسب لأدق وأصعب القضايا التى تواجهنا فى العمل خاصة فى المسائل التى تتطلب التصرف بدبلوماسية مع جهات التعامل. وبالرغم من أنه متحدث لبق فإن الكلمة لديه موزونة وتخرج بحساب، ونجح فى أن يحدث طفرة كبيرة فى غرفة الصناعات الغذائية”.
ويقول ” ي.م” :”إن الأستاذ محمود البسيونى يتميز بحسن الإدارة والكفاءة وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة، ويهتم بأدق الأشياء وتفاصيلها خاصة عند تنظيم فعاليات الغرفة لأنه يتطلع إلى الأفضل دائما، ولهذا أصبحت غرفة الصناعات الغذائية الآن من الغرف المميزة على مستوى اتحاد الصناعات بصفة عامة”.
وقال “هـ .ف” :”إن أهم ما يميز الأستاذ محمود البسيونى حبه الشديد لعمله وإخلاصه فى أداء وظيفته وقدرته على قيادة فريق العمل بالغرفة بحب وحرفية، وإنسانيته واضحة جدا إلا أنها لا تطغى على العمل، ولديه القدرة على أن يحصل من فريق العمل معه على أقصى ما لديهم من جهد وبحب واحترام، كما أن دائما لديه أفكار خارج الصندوق وغير تقليدية وهو وجه مشرف للغرفة”.
وإلى نص الحديث الممتع:

كتب/ أشرف الليثى

• فى البداية.. نود التعرف على المشوار المهنى للأستاذ محمود البسيونى منذ البداية وحتى الوصول إلى المحطة الحالية فى غرفة الصناعات الغذائية.
فى بداية التسعينيات، التحقت بالعمل كمدير ائتمان لقطاع الشركات بأحد البنوك الأجنبية العاملة فى مصر، وفى عام 2005 التحقت بالعمل فى منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” وحقيقة العمل فى المنظمات الدولية أكثر واقعية وديناميكية ومن خلال عملى فى “يونيدو” اكتسبت العديد من المهارات فى تنفيذ المشاريع والبرامج إلى جانب المنهجية القائمة على النتائج، ثم جاء عملى فى غرفة الصناعات الغذائية لأرى الصورة الأكبر لقطاع من أهم القطاعات الصناعية، وأتيحت الفرصة لى لاستخدام المهارات فى دعم آلية التطوير والتنوع للخدمات المقدمة من الغرفة للمنشآت وهذا يؤثر إيجابيا على معدلات أداء الشركات الأعضاء وبالتالى تحقيق نتائج أفضل على مستوى الاقتصاد ومعدلات النمو وفرص العمل.

• فى رأيك، ما أهم الإنجازات التى قامت بها غرفة الصناعات الغذائية خلال فترة عملك بها؟
القطاع الخاص بصفة عامة له دور حيوى فى الاقتصاد من خلال خلق فرص العمل وتوفير السلع والخدمات وتحفيز النموالاقتصادى، غير أنه مصدر رئيسى للإيرادات الضريبية فى ميزانية الدولة.
خلال السنوات الماضية، واجه قطاع الصناعات الغذائية العديد من التحديات كغيره من القطاعات سواء جائحة كورونا التى غيرت الطريقة التى نعيش بها حياتنا ونعمل بها بشكل كلى وبطء حركة التجارة الدولية والاقتصاد العالمى، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها، ولكننا هنا نتعامل مع قطاع ذى طبيعة خاصة ويعد أمنا قوميا وعدم القدرة على التعامل باحتراف مع هذه التحديات كان من الممكن أن يؤثر بشدة على سلاسل التوريد وقلة المعروض من السلع الغذائية واضطراب فى الأسواق .
وخلال الفترة الماضية، كان هناك العديد من الإنجازات التى قامت بها غرفة الصناعات الغذائية لخدمة الأعضاء وخدمة هذا القطاع بصفة عامة بداية من إعداد تقرير سنوى مفصل بكافة الأنشطة والخدمات التى تقوم بها و يتم عرضه على الجمعية العمومية ولكنى دائما أحب تسليط الضوء على دور الغرفة أثناء الموجة الأولى من جائحة كورونا وبالتعاون والتنسيق مع القطاع الغذائ ككل من خلال برنامج إلكترونى بالغرفة تم من خلال التواصل والمتابعة اليومية بين أعضاء الغرفة وغرفة عمليات دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء، والتى تم إنشاؤها بالتنسيق مع وزراة التموين والتجارة الداخلية وتفعيل خدمة الخط الساخن لتتصل مباشرة بغرفة عمليات مجلس الوزراء لحل المشاكل المتعلقة بالخامات والتشغيل وقطاع الحبوب والسوبر ماركت والمحلات والسلاسل التجارية وضمان عدم حدوث أى اضطرابات فى سلاسل التوريد واتخاذ اللازم فى سبيل حل الشكاوى وإبلاغ الأعضاء بتطورات الموقف أولا بأول.
وأرى أيضا أن من الإنجازات التى أفخر بها استحداث إدارة للتدريب وتطوير الأعمال وتم تأهيل العاملين بها ورفع كفاءتهم للحصول على المهارات المطلوبة للقيام بالتدريب ورفع كفاءة العاملين بالمنشآت ومن أهم هذه التدريبات هى التدريبات الخاصة على التوافق على متطلبات سلامة الغذاء. وأيضا تم التعاون مع العديد من المشروعات التنموية ومنها برنامج ازدهار الذى تم من خلال دعم فنى تم تقديمه لعدد 200 شركة من المنشآت الصغيرة و المتوسطة لتطوير أدائها وتحقيق معدلات نمو متميزة.


• الجميع يشيد بالنجاح الذى تحقق للغرفة خلال فترة توليك المسئولية منذ عام 2017، ما المسببات الرئيسية للنجاح من وجهة نظرك؟
‏مسببات النجاح عديدة؛ أهمها الإدارة فأنا محظوظ بعملى مع مجلس إدارة الغرفة وله فضل كبير جدا من النجاح، فوجود مجلس إدارة له رسالة ومتفهم لطبيعة العمل العام ومنسجم مع بعضه كلها عوامل تؤدى إلى النجاح، والمهندس أشرف الجزايرلى كرئيس لمجلس الإدارة وهو نموذج فريد من نوعه فهو يعشق العمل العام وله رؤية ولديه وعى كامل بطبيعة القطاع والتحديات التى تواجهه، فجزء كبير من مهمته هو رعاية مصالح الأعضاء وبصفة خاصة الشركات متناهية الصغر والصغيرة التى يكون من الصعب وجود من يمثلها ويقوم برعاية مصالحها، أنا مدين له ومازالت أتعلم منه الكثير.
من مسببات النجاح أيضا توافر التصميم والمثابرة والمرونة وهذه مواصفات شخصية فمثلا لابد من وجود مرونة فى التعامل مع المهام والمتغيرات المستمرة، فالعمل بالغرفة بعيد عن الرتابة، فإذا كان من الصعوبة التنبؤ أو التخطيط فكيف يمكن يبدأ يوم العمل بخطط لإكمال مهام معينة ولكن غالبا ما تظهر أولويات ومسائل عاجلة جديدة الأمر الذى يتطلب المرونة.
أيضا الغرفة وضعت أساسا لنموذج فريد للتعاون والتنسيق والتواصل بين القطاع الخاص من ناحية والقطاع المؤسسى والتشريعى والرقابى ومتخذى القرار من ناحية أخرى، مما جعلنا فى حالات كثيرة نصل لأفضل النتائج. ولابد من الإيمان بأن كل الأطراف لديها نفس الهدف ونحتاج أن نرى مصر فى مرتبة عالية وفى الوضع ‏الاقتصادى والاجتماعى الذى تستحقه.

• كيف يمكن الاستفادة من تجربة غرفة الصناعات الغذائية؟
إن التواصل والتفاعل المستمر من شأنه أن يمكن الجميع من معرفة التجارب وتجنب الوقوع فى ذات الأخطاء، وفى ضوء التطور التكنولوجى الحالى أصبح من السهل توثيق الخبرات وإتاحتها. أعتقد أنه من الضرورى عمل الجميع على توافر بيئة عمل صحية تقوم بتعزيز ثقافة مشاركة المعرفة والتعلم المستمر فهذه الثقافة تعمل على تحسين أداء الجميع بلا استثناء.
وعلى الرغم من اختلاف طبيعة كل صناعة فإن التواجد باتحاد الصناعات المصرية والاحتكاك المباشر مع العديد من الغرف الصناعية بخبراتها المختلفة يعد فرصة هائلة للتعلم وتبادل الخبرات.

• نرى لكم العديد من المبادرات الخاصة بالتمكين الاقتصاد للمرأة والاقتصاد الأخضر ودعم الشركات بهدف توسيع قاعدة المصدرين، ما تعليقكم على ذلك؟
هذه الأنشطة جزء أساسى من رؤية مصر 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن هنا أصبحت هناك حتمية لأن تتوافق رؤية الغرفة المستقبلية مع رؤية مصر، وحاليا يتم إعداد تحديث لاستراتيجية الغرفة ومحور أساسى منها التركيز على هذه المبادرات ورفع وعى القطاع بأهميتها مع العمل على تحقيق إنجازات جديدة وأكثر استدامة.

• فى رأيك، ما أهم نتائج مؤتمر المناخ الذى عقد فى شرم الشيخ؟
رسالة مصر للقارة الأفريقية بتأكيد دورها وأهميته فى القيام بالعديد من الأنشطة الداعمة ووضع الاستراتيجيات التى تضمن توفير وتنوع مصادر الغذاء ودعم سلاسل التوريد وتحقيق التكامل الاقتصادى المنشود للقارة الأفريقية.

• أعلم أن لك نشاطا ثقافيا وكتابات مهمة وقرأت لك مؤخرا مقالا عن النيل أعجبت به كثيرا “واسمح لى بنقل جزء منه”، فماذا تمثل لك تلك الكتابات بصفة عامة؟
حقيقة مقال النيل من أهم المقالات التى كتبتها لأنه يمثل أهمية كبيرة لأفراد الشعب المصرى، وهو جزء من وجدان كل منا، وقد كتبت وقلت:
“قد يراك الكثيرون مياها ووديانا وطميا وفيضانا ولكنى أشعر بك روحا ونبضا وذاكرة وكبرياء، أنت كأكسير حياة يجرى فى العروق والأرض، أعلم تماما قوة عزيمتك فقد حفرت مياهك الوادى وقطعت آلاف الأميال فقط كى تلتقى بالبحر، ولكن لدى تساؤلات حائرة؛ هل مازالت ضفافك تحمل ذكريات الطقوس المقدسة؟! تفتقد العرائس؟ أم أن السدود هى قرابين بعثت من جديد لتنتقم؟ هل سأنظر حولى يوما ما فلا أجدك وتصبح أحلامى هى مكان لقائنا الوحيد؟ أيها النهر الصامت.
أنا الآن فى أشد الحاجة إليك، فوسط مياهك يتبدل يومى فى لحظة التقط أنفاسى تختفى متاعبى وتتلاشى همومى بمجرد النظر إليك ولكن لدىّ تساؤلات حائرة: أترى أن نبدأ البحث عن نهر آخر تحت الرمال أم نمد أيادينا للعدو ونطلب منه العون؟ إنا كالجميع تتلاعب بنا المشاعر فى وقت السلم فنصرخ بنغمات قاسية ونحمل الطبول والرايات ننسى كيف لسنوات طويلة شوهتنا الحروب وكيف ستكون الحياة على ضفاف نهر أحمر تحمل مياهه الكراهية والدم؟ أيها النهر الخالد لقد وضعت تلك الكلمات معا لعلها تعنى لى ولك شيئا ولكنى لن أكتبها كالمعتاد فى رسالة بخط اليد لن أضعها بعناية فى زجاجة أهديها إليك إلى الأبد ستحمل الرياح كلماتى وسنظل جميعا فى أشد الحاجة إليك”.
الكتابة مهمة جدا بالنسبة لى وهى تقريبا المتنفس الوحيد الموجود. واحب جدا كتابة الأفكار والخواطر التى تجعل الإنسان يفكر فيها ويفسرها بالطريقة التى يراها هو، وأسعد لحظة عندما أعرف أننى كنت سببا فى رجوع أى إنسان إلى القراءة أو إنى نجحت فى توصيل فكرة معينة “عايشة جوه” الناس وإنى قدرت أطلعها على الورق.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *