الإيكونوميست المصرية
محمد معيط: مصر تصنع تاريخا جديدا بالتحول للاقتصاد الرقمى

محمد معيط: مصر تصنع تاريخا جديدا بالتحول للاقتصاد الرقمى

ألقى السيد الدكتور محمد معيط وزير المالية كلمة فى مؤتمر الاهرام للتكنولوجيا المالية. هذا نصها،:
السيدات والسادة،
الحضور الكرام،
يُسعدنى فى البداية، أن أنقل لحضراتكم تحيات معالي دولة رئيس مجلس الوزراء، واعتذاره عن الحضور لارتباطه بالتزامات طارئة، كما أنقل تمنيات سيادته لهذه النخبة من المشاركين فى مؤتمر الأهرام الأول للتكنولوجيا المالية، بالتوفيق فى أطروحاتهم ونقاشاتهم ومقترحاتهم الثرية، للوصول إلى أفضل النتائج بتوصيات مثمرة، تتسق مع ما يُسجِّله التاريخ من إنجازات ضخمة تشهدها مصر، بقيادتها السياسية الحكيمة، فى شتى القطاعات خلال زمن قياسى، بإرادة صلبة، تخلق من قلب التحديات، فرصًا تنموية واعدة لتغيير الواقع، وتلبية طموحات الحاضر والمستقبل؛ امتدادًا لإرثٍ حضارى يعكس قدرة الدولة على صنع المستحيل.
من نجاحٍ إلى نجاحٍ، تشق مصر طريقها لتصنع تاريخًا جديدًا بالتحول إلى اقتصاد رقمى ومجتمع لا نقدى، فى مسيرة غير مسبوقة للبناء والتنمية، للانطلاق إلى «الجمهورية الجديدة»، التى تشهد تغييرًا شاملًا لوجه الحياة على أرض مصر، عبر حراك تنموى، ينعكس فى تنفيذ مشروعات غير مسبوقة؛ تُسهم فى الارتقاء بمعيشة المواطنين، وتعزيز الشمول المالى، وتحديث أنماط العمل الحكومى، بالتزامن مع الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة؛ اعتمادًا على التحول الرقمى؛ باعتباره أداة رئيسية لتبسيط الإجراءات وترسيخ الحوكمة والشفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين؛ تنفيذًا لرؤية «مصر ٢٠٣٠».
إن التحديات المتتالية التى تواجه الاقتصاد العالمى، بدءًا من جائحة كورونا، وما أعقبها من ارتفاع حاد فى التضخم العالمى، واضطراب فى سلاسل التوريد، وزيادة فى تكلفة الشحن، والأسعار العالمية للسلع والخدمات، كل ذلك يؤكد أهمية الإصلاحات الاقتصادية التى منحت الدولة القدرة على التعامل المرن وتحمل العديد من الأعباء عن المواطنين، مع الحفاظ على استدامة المؤشرات المالية الإيجابية.
إن مؤشرات الأداء المالى خلال النصف الأول جاءت مطمئنة، وأن متوسط معدل النمو خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر ٢٠٢١ بلغ ٩٪ وهو أعلى معدل يتحقق منذ أكثر من ٢٠ عامًا، كما تراجعت البطالة إلى ٧,٤٪ بنهاية ديسمبر الماضى، نتيجة التوسع فى المشروعات التنموية الضخمة.
لقد نجحنا فى خفض العجز الكلي للموازنة بنسبة ٥٠٪ خلال الخمس سنوات الماضية، ونستهدف الوصول إلى ٦,٧٪ في يونيه المقبل، مقابل ٧,٤٪ فى يونيه الماضى، ونستهدف أقل من ٦٪ العام المالي المقبل، والنزول بمعدل الدين للناتج المحلى إلى أقل من ٩٠٪ فى العام المالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، وتقليل نسبة خدمة الدين لإجمالى مصروفات الموازنة إلى أقل من ٣٠٪ مقارنة بمستهدف ٣١,٥٪ خلال العام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، وإطالة عمر الدين ليقترب من ٥ سنوات على المدى المتوسط بدلاً من ٣,٤ سنة حاليًا.
ويُعد التحول الرقمي، أحد برامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، الذى كان له أثر إيجابي أسهم في التخفيف من تداعيات «كورونا»، وانتظام آليات العمل الحكومي، والنجاح في تحقيق معدل نمو إيجابي بلغ نحو ٣,٦٪ و٣,٣٪ خلال العامين الماليين ٢٠١٩/ ٢٠٢٠، و٢٠٢٠/ ٢٠٢١، على التوالى، وتحقيق فائض أولي ١,٥٪ من الناتج المحلى خلال العام المالي الماضى.
إن ما حققناه من نجاحات فى التحول الرقمى سواءً فى إعداد وتنفيذ ورقابة الموازنة العامة للدولة، والدفع والتحصيل غير النقدى، وتحديث منظومتى الضرائب والجمارك على نحو متكامل، يدفعنا لاستكمال المسيرة نحو التحول إلى الاقتصاد الرقمى؛ تحفيزًا للاستثمار، وتشجيعًا للصناعة الوطنية، وتعزيزًا للإنتاج المحلى؛ بما يضمن استيداء حق الدولة، وتعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، وإرساء دعائم العدالة الضريبية والجمركية.
لقد أسهم تطبيق منظومة (GFMIS) بالجهات الموازنية وربطها بمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني (GPS)، وحساب الخزانة الموحد (TSA)، في إغلاق الحسابات الختامية للموازنة المنتهية في نفس يوم نهاية السنة المالية، وأن تعمل الموازنة الجديدة من اليوم الأول للسنة المالية الجديدة، على نحو يؤدي إلى تحقيق الشفافية وجودة الأداء، بحيث تتمكن الجهات الممولة من الموازنة من الوفاء بمتطلبات أنشطتها وخططها المعتمدة، الأمر الذي يساعد في الارتقاء بمستوى الخدمات وتيسير سبل تقديمها للمواطنين في شتى القطاعات.
ومن المستهدف تطبيق منظومة (GFMIS) على الهيئات الاقتصادية بشكل تجريبي خلال الفترة من مارس حتى نهاية يونيو ٢٠٢٢، تمهيداً لتطبيقها بموازنة العام المالي المقبل لربط كل أجهزة الحكومة إلكترونيًا بما يسهم في خلق نظام قوي لإدارة المالية العامة من خلال دمج وضبط وحوسبة كل العمليات المالية الحكومية بدءًا من إعداد الموازنة وتنفيذها ورقابتها؛ بما يساعد فى تحقيق الانضباط المالي، واستخدام موارد الدولة بكفاءة.
وفي إطار حوكمة الإجراءات قامت وزارة المالية فى مارس 2021 بإصدار دليل ربط وتكامل الجهات مع مركز الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي، ثم في مايو 2021 تم إصدار وثيقة دليل تكامل الجهات مع بوابة السداد الإلكترونية الحكومية الخاصة بمركز الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي لوزارة المالية، وإتاحة العديد من قنوات التحصيل الإلكتروني الحكومي مثل (نقاط التحصيل الإلكتروني الحكومي GOV-POS التي بلغ عددها 16,426 نقطة تحصيل تم نشرها علي مستوي الجمهورية – بوابة السداد الإلكترونية الحكومية – التحصيل من خلال البنوك وقنواتها المختلفة).
وقامت وزارة المالية بالعمل على تنفيذ توجيهات المجلس القومي للمدفوعات برئاسة فخامة السيد رئيس الجمهورية بالاعتماد على منظومة دفع ذات علامة تجارية وطنية تحقق العديد من المميزات وأقصى درجات التأمين، وتم بداية من عام 2021 إصدار ٤,٠٤ مليون بطاقة دفع لمستحقات العاملين بالدولة تحمل العلامة الوطنية «ميزة» من إجمالي مستهدف 4,3 مليون بطاقة، ويجرى العمل على الانتهاء من تفعيل كل البطاقات الجديدة لجميع العاملين بالدولة.
السيدات والسادة،
نود الإشارة إلى ما حققه مركز الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي من معدلات تشغيلية غير مسبوقة حيث بلغ التحصيل الإلكتروني بداية من مايو 2019 حتي يناير 2022، حوالي 342 مليون مدفوعة، كما بلغت قيمة المتحصلات السيادية للضرائب والجمارك حوالي ١,٥٤ تريليون جنيه، وبلغت قيمة المتحصلات من خلال «مدفوعة المواطن» ١٥٨ مليار جنيه، ونقاط التحصيل الإلكتروني الحكومي حوالي ٦٧ مليار جنيه، كما بلغت قيمة المتحصلات من خلال بوابة السداد الإلكترونية الحكومية لمركز الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي وشركات التحصيل المتكاملة معه حوالي ٥ مليارات جنيه، وبلغ إجمالي قيمة خدمات المدفوعات الإلكترونية مثل مدفوعات المرتبات والموردين وباقي المدفوعات الأخرى ( شامل أذون التسوية) حوالي ٣ تريليونات جنيه.
وفي إطار التحديث المستمر الذي تقوم به وزارة المالية مع شركة (e-finance) للعمل على التطوير الدائم لمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي، فإنه يجرى العمل على:
إتاحة منصة للفواتير والمطالبات الحكومية للجهات الإدارية التي لا يتوفر لديها قاعدة بيانات تؤهلها للربط والتكامل مع مركز الدفع والتحصيل الإلكتروني الحكومي، والربط والتكامل مع منصة مصر الرقمية، والربط والتكامل مع العديد من المنظومات الحكومية كالمنظومة الرقمية لحوكمة وإدارة أصول الدولة، ومنظومة المشتريات والتعاقدات الحكومية ومنظومة الفاتورة الإلكترونية.
الحضور الكرام،
إن التحول الرقمي للنظام الضريبي، أدى إلى زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة ١٣٪ في السنة المالية الماضية رغم أزمة كورونا، على نحو يعكس جهود دمج الاقتصاد غير الرسمى، وحصر المجتمع الضريبى بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة الضريبية.
إن أكثر من ٥٢ ألف شركة سجلت على منظومة الفاتورة الإلكترونية، وأكثر من ٤٣ ألف شركة فعَّلت حساباتها على المنظومة الإلكترونية حتى الآن، وأرسلت أكثر من ١٥٠ مليون فاتورة إلكترونية؛ بما يعكس نجاحنا في هذه التجربة التي استطاعت مصر أن تكون من أوائل الدول بأفريقيا والشرق الأوسط في تطبيقها، والتي نجحنا من خلالها في كشف أكثر من ١٥ ألف حالة تهرب ضريبي، سددت ٤٣٠٠ حالة منها فروقًا ضريبية تقترب من ٦ مليارات جنيه من مستحقات الخزانة العامة للدولة.
ويدفعنا هذا النجاح، لاستكمال مسيرة التحول الرقمي بتطبيق منظومة الإيصال الإلكتروني، اعتبارًا من أبريل المقبل، من خلال التوظيف الأمثل للحلول التكنولوجية في متابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيًا في كل منافذ البيع والشراء وتقديم الخدمات بكل أنحاء الجمهورية.
السيدات والسادة،
إن هناك دراسة حديثة أجريت بالتعاون مع البنك الدولى، وسجلت نجاحنا فى خفض متوسط زمن الإفراج الجمركى بنحو ٥٠٪ بعد تطبيق المنصة الإلكترونية الموحدة للتجارة القومية «النافذة الواحدة» التى تربط كل الموانئ إلكترونيًا، حيث تم استحداث المراكز اللوجستية للخدمات الجمركية، ونظام التسجيل المسبق للشحنات «ACI» بالموانئ البحرية، الذى سبقنا بتطبيقه العديد من دول العالم.
إن منصة «نافذة» حققت وفورات مالية للمجتمع التجاري المصرى في التجارة عبر الحدود، من خلال توفير نحو ٤٠٠ دولار لكل شحنة، وتقليص زمن وصول المستندات، إضافة إلى تخفيض أعباء رسوم الأرضيات والتخزين وغرامات تأخير الحاويات بقيمة تبلغ نحو ٢٢,٥ ألف جنيه عن كل حاوية.
وبنهاية مارس الحالى، سيتم حظر دخول أي بضائع غير مطابقة للمواصفات الأوروبية؛ تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية.
لقد أصبح المستوردون يتعاملون مع الجمارك من خلال ارتياد المنصة الإلكترونية الموحدة للتجارة القومية «النافذة الواحدة» عبر «الهواتف الذكية»، بما يساعد فى تحفيز بيئة الأعمال، من خلال تبسيط الإجراءات للمستوردين والمصدرين وتخفيف الأعباء عنهم.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *