الإيكونوميست المصرية
أزمة سد النهضة..شكرا لسقوط الأقنعة…بقلم: أشرف الليثى

أزمة سد النهضة..شكرا لسقوط الأقنعة…بقلم: أشرف الليثى

يقلم: أشرف الليثى

فى علم الاقتصاد ليس هناك خسائر أو إيجابيات كاملة لأى نشاط، وإذا طبقنا هذا المبدأ على سد النهضة الإثيوبى، فإننى هنا لن أتحدث عن حجم السلبيات التى ندركها جميعا كمصريين، ولكن ما يلفت انتباهى حجم الإيجابيات التى خلقها هذا السد؛ فلأول مرة منذ عام 1967 تعود ثقة المصريين فى حكومتهم وقيادتهم السياسية مرة أخرى، حيث تسببت هزيمة يونيو 1967 فى فقدان ثقة المصريين فى قيادتهم وحكوماتهم ورغم المحاولات العديدة فى استعادة تلك الثقة فإن الهزة النفسية كانت ضخمة للغاية ولم نفق منها إلا مع أزمة سد النهضة حيث عبر الشعب المصرى بكافة فئاته عن ثقته المطلقة فى حكومته وقيادته السياسية التى أدارت ومازالت تدير تلك الأزمة بحرفية وهدوء ومهارة تفاوضية غير مسبوقة؛ وأكبر دليل على ذلك المعارضون الذين كانوا يعارضون سياسة المفاوض المصرى فى تلك القضية وبعد ذلك عادوا واعترفوا بخطئهم وأشادوا بهدوء وحرفية القيادة السياسية والخارجية المصرية فى إدارة تلك الأزمة، وأتحدث هنا عن أحد هؤلاء المعارضين مثل المهندس ممدوح حمزة.
هدوء الرئيس السيسى فى إدارة أزمة سد النهضة جعلت العالم كله يتساءل كيف لهذا الزعيم الذى تتهدد حياة شعبه بسبب سد الخراب وأثناء مناقشة تلك القضية المهمة فى مجلس الأمن يقوم بكل هدوء بركوب الدراجة ويسير بها فى شوارع مدينة العلمين الجديدة وكأنه يبعث برسالة إلى العالم أن مصر بلد الأمن والأمان والتطلع إلى المستقبل والثقة الكاملة فى الموقف المصرى، كل هذا انتقل إلى الشعب المصرى الذى بادل الرئيس الثقة فى قيادته، وبذلك استعادت القيادة السياسية والحكومة أهم عنصر افتقدناه منذ أكثر من 50 عاما.
العنصر الإيجابى الآخر يتمثل فى استشعار الشعب المصرى بأهمية المياه وإدراكه مدى أهميه النيل كشريان للحياة ولابد من التعامل معه بثقافة مغايرة تماما وسلوكيات أكثر رشدا وترشيدا لاستخدم المياه التى إذا افتقدناها لا قدر الله سنكون جميعا من الخاسرين ولن ينجو أحد منا.
ومن العناصر الإيجابية أيضا اكتشاف العدو من الحبيب، فتلك الأزمة أسقطت الأقنعة عن الجميع وأصبحت الدول المختلفة تكشف عن وجهها الحقيقى بعيدا عن الدبلوماسية والسياسة تجاه مصر، وفى لحظة فارقة سواء فى مجلس الأمن أو قبل وبعد تلك الجلسة التاريخية، عبرت كل دولة من دول العالم وخاصة الدول العربية عن مشاعرها الحقيقية تجاه مصر وعرفت مصر بصورة كاشفة حقيقة كل دولة تجاهها، وبالرغم من أن جلسة مجلس الأمن لم تستغرق سوى ساعات قليلة، فإننا ربما كنا سنحتاج لشهور وسنوات لدراسة نوايا ومواقف الدول المختلفة تجاه مصر، ففى لحظة كاشفة سقطت الأقنعة تماما.
إذا كان لدى الرئيس السيسى قناعة داخلية وثقة فى أن رب النيل الذى يسيره منذ آلاف السنين وحتى يوم القيامة لن تستطيع أى قوة فى الكون الوقوف أمام مشيئته ولن تستطيع أن تغير من مساره الذى كتبه له ولن يتخلى رب العباد عن تلك الأرض المباركة المحروسة بعنايته إلى يوم الدين، فإن تلك القناعة قد انتقلت أيضا لأفراد الشعب المصرى بل ولغالبية قادة وشعوب العالم التى عرفت الآن فقط سبب هدوء الرئيس وسلامه الداخلى.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *