الإيكونوميست المصرية
حصانة المحافظ…………بقلم: أشرف الليثى

حصانة المحافظ…………بقلم: أشرف الليثى

أشرف الليثى

فى جميع أنحاء العالم هناك مناصب تمنح صاحبها حصانة نظرا لحساسيتها وتأثيرها على حياة المجتمع بصفة عامة وأيضا لجعل صاحبها لديه القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية دون حساب لتوازنات ودون مراعاة شىء سوى مصلحة الوطن فقط. ومن بين هذه المناصب منصب محافظ البنك المركزى الذى يعتبر فى كافة أنحاء العالم من المناصب الحساسة للغاية التى لا يجوز تعرض صاحبها لأى مهاترات فى وسائل الإعلام أو لمناقشة القرارات التى يتخذها دون دراية خاصة من العامة الذين من الممكن أن تكون الحقيقة غائبة عنهم وينظرون إلى الأمور بنظرة عاطفية لا تمت للحقيقة والواقع بصلة.
والدليل على ذلك ما حدث مؤخرا فى الوسط المصرفى المصرى بعد قرار إقالة أو استقالة هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى CIB وما تبعه من مهاترات وتخمينات وتأويلات، وكأن الجميع أصبحوا خبراء فى البنوك والمصارف ويعلمون بواطن الأمور، حيث تداخلت الأمور فى بعضها وزادت التكهنات حول أسباب هذا القرار وكل أدلى بدلوه وانشغلت مواقع التواصل الاجتماعى جميعا على مدى أسبوع كامل بهذا القرار واضطر رئيس مجلس إدارة البنك الجديد شريف سامى لعقد مؤتمر صحفى للرد فيه على كافة التساؤلات التى دارت فى الشارع المصرى إلا أن هذا لم يشفع أيضا فى زيادة فرص الشائعات والتكهنات.
لم يختلف اثنان على مهنية هشام عز العرب الذى استطاع أن يقود البنك التجارى الدولى على مدى 21 عاما ليصل به إلى أن يصبح أكبر بنك قطاع خاص فى مصر ومن ضمن أكبر 100 بنك على مستوى العالم وأصبح سهم البنك التجارى الذى يتم تداوله فى بورصة لندن ويقود التعاملات فى البورصة المصرية أيضا ذا شأن قوى، ولكن قرار الإقالة أو الاستقالة من منصبه ربما كانت هناك أمور فنية ليس من المصلحة العامة الكشف عنها حتى لا تتأثر صورة البنك فى السوق المصرفية وكذلك سهمه المتداول فى بورصتى لندن ومصر وليس من المنطقى أن يكون هناك تبرير لكل قرار يصدر عن البنك المركزى الذى من أساسيات مهامه الرقابة على البنوك واكتشاف أى تجاوز.
ما يحدث فى وسائل التواصل الاجتماعى من نشر قصص وهمية وشائعات كتبت بأيادٍ قذرة الهدف منه النيل من سمعة أفضل محافظ بنك مركزى فى القارة الأفريقية وفى منطقة الشرق الأوسط والفاعل الأساسى فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، هذا الرجل الذى تحدى الإخوان خلال فترة حكمهم ورفض الانصياع لأوامرهم وقدم استقالته من أكبر بنك فى مصر وهو البنك الأهلى المصرى وظل جالسا فى بيته لمدة عام كامل مفضلا ذلك على الانحناء أمام الإخوان، هذا الرجل الذى يشهد له الجميع الأعداء قبل الأصدقاء بمهنيته واحترافيته فى إدارة دفة السياسة النقدية فى مصر.
طارق عامر أصبح رمزا من رموز الاقتصاد الذى سيظل التاريخ يذكره طويلا بأنه صاحب أجرأ قرار فى تاريخ مصر الاقتصادى الحديث وهو تعويم الجنيه المصرى الذى لولاه لعانى الاقتصاد المصرى ولفشل فى مواجهة أى أزمة أو ضائقة مثل أزمة جائحة كورونا التى خرج منها الاقتصاد المصرى الوحيد فى اقتصادات المنطقة بمعدل نمو إيجابى شهدت له جميع المؤسسات المالية العالمية وكذلك مؤسسات التقييم الدولية التى أكدت أنه لولا الجهاز المصرفى المصرى ووقوفه داعما للاقتصاد الوطنى لفشلت كافة برامج الإصلاح.
من الواجب الوطنى للشعب المصرى الحفاظ على سمعة محافظ البنك المركزى وعدم تلويثها بالشائعات المضللة التى لا تستهدف شخص المحافظ بقدر ما تستهدف إنجازات الجهاز المصرفى ووقوفه جنبا لجنب مع الاقتصاد المصرى للخروج من الأزمات المتتالية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *