الإيكونوميست المصرية
تجربتى…………..بقلم: نيفين إبراهيم

تجربتى…………..بقلم: نيفين إبراهيم

قامت صديقة عزيرة بضمي لصفحة جديدة علي الفيس بوك بعنوان “تجربتي” ، قبلت الإضافة دون حماس حيث أعتدنا دائما علي صفحات بلا هدف تتحول بمرور الوقت إلي بوستات تافهة وسخافات لا حد لها ، ولكن بعد مرور أكثر من أسبوعين ومع متابعة قصص عضوات الصفحة التي تقوم كلها علي مشاركتنا تجربتها في الحياة ، أصبح الدخول إلي الصفحة وقراءة التجارب إدمان .
وبعد قراءة العديد من التجارب الحقيقية أعتصر قلبي حزناً علي حال الكثيرات اللآتي تعرضن لعذابات كثيرة بدأت أحيانا بيتم او تخلي أحد أو كلا الوالدين عن أبنائهم بلا اي مبرر- في بعض الأحيان – إلا الأنانية والرغبة في عدم تحمل مسئولية تربية أبنائهم ، والأهوال التي تعرض لها هؤلاء الأبناء والبنات أحيانا علي يد أقرب الناس لهم و لاحقا عندما أرتبطوا بالزواج من رجال لا يعرفوا معني الرجولة، يستغلوا ظروفهم الصعبة وبدلا من أن يكونوا عونا لهم علي الأيام ، بالعكس ، يُنكلوا بهم حرفياً .

كانت أكثر القصص إيلامًا قصة لأب وأم أنفصلوا بالطلاق وبعد قليل تزوجت الأم ورمت أبنائها للأب ، الذي بدوره تزوج أخري ورمي أبنائه عند أمه وأخته التي لم تتزوج وتعيش مع أمها ، ولم يحاول حتي ان يتواصل مع أولاده ، بل أقتصر دوره علي الظهور كل كام شهر لدفع مصاريفهم لأمه دون حتي أن يحاول رؤية الأولاد ولا التحدث إليهم .. أنفطرت قلوبنا وصاحبة المشكلة تحكي كيف ذاقت هي وأخيها الأمريين علي يد الجدة والعمة ومع ذلك تنبهت الفتاة لأهمية العلم والعمل والنجاح ، ففعلت المستحيل للتكييف حتي حصلت علي بكالريوس في الصيدلة وتخرج أخيها مهندسا ووصلت به وبنفسها إلي بر الأمان وكيف أكرمها الله بزوج صالح أعتبرتها أمه أبنتها وكيف بعد أكثر من عشرين عاما ، ظهرت أمهم -التي تخلت عنهم -بعد ان هدها المرض ، تريد ان تراهم فتتساءل صاحبة المشكلة هل يجب ان أراها ام لا ؟ وأين كانت عندما خفنا أنا وأخي من قسوة جدتي وعمتي فنمنا بملابس مبللة حتي لا يرونا ويضربونا فأصيب أخي بألتهاب رئوي حاد ظل يتعالج منه أكثر من ثلاث أسابيع !
قصة مؤلمة خاصة لو أطلعتم علي تفاصيل ما عانته صاحبة التجربة هي وأخيها في الصغر والمحفورة في ذهنها بألم ،أعتصر قلوبنا جميعا وهي تشاركنا تجربتها .
ومن القصص المُؤلمة الكثيرة أيضا نموذج المرأة التي تتحمل الضرب والإهانة من الزوج أمام أولادها لانه لايوجد مكان تذهب إليه بعد وفاة الأهل وعدم وجود مورد مالي وأحيانا يكون سبب الصمود في زيجة فاشلة مثل هذه الزيجات هو قناعة نفسية خاطئة شديدة الخطورة بأن الطلاق سبة وان بقاء الأم هو في صالح الأولاد ! والحقيقة لا يوجد أكثر ضررا للأولاد من البقاء في بيوت لاتقوم علي الحب ويتحمل أفرادها الإهانة بسبب الضعف والمفاهيم الأجتماعية الخاطئة.

وشاركت بعض العضوات أيضا تجاربهن مع المرض ومع فقد الأبناء أحيانا وجحود البعض أحيانا أخري بدرجة مبكية في بعض الأحيان وتستدعي السجود لله شكرا علي نعمة الصحة ونعمة الأهل ونعمة الأبناء الصالحين .
أعتدنا علي أخذ النعم علي أنها مُسلمات وفي الواقع هي كرم كبير من رب العالمين ، وأقول وأكرر ، لا يوجد نعمة أفضل من أن تكون مستقل ماديا وتستطيع كسب عيشك بنفسك حتي لاتقع تحت براثن من لا يرحم سواء كان زوج او اخ او حتي أبن ، فالقصص الحياتية التي نقرأها كل يوم في صفحة ” تجربتي ” حقيقة تشعرك بأن عمل المرأة هو حل لنصف مشاكلها الأجتماعية ، أما حل ال ٥٠٪؜ المتبقية ، فهي في الصحة النفسية للأبناء سواء كانوا بنات أم بنات ، فكم من أهوال نسمع عنها ونعايشها نتيجة عدم الوعي بتأثير السلامة النفسية للأبناء داخل الأسرة .
فالفتاة التي تُسمعها أمها مثلا إنها السبب في تعاستها لانها تضحي بسعادتها وتُبقي علي علاقة زوجية تعيسة مع أبيها تتحمل فيها الإساءة والضرب والإهانة ، تنشأ علي الإحساس بإنها السبب في تعاسة أمها هذه ويتربي داخلها عقدة في اللاوعي بأنها المسئولة عن هذا الوضع ، فتختار أول طارق يطرق بابها للزواج وتكتشف بعد مدة بسيطة انها أساءت الأختيار وتبدأ دورة جديدة في العذاب وتستمر في زيجة فاشلة حرصا علي الأبناء وكأنها تدفع ثمن تضيحة أمها (التي لم تكن في محلها ) من أيامها وكرامتها وصحتها هي .

تمنيت بعد قراءة أكثر من تجربة مؤلمة لو قامت وزارة التربية والتعليم بتصميم مناهج لعلم النفس من الصغر لتوعية النشئ بطبيعة الناس من حوله وبكيفية التعامل مع أنماط البشر المختلفة وبأن الخير والشر موجودين وبنفس القدر وان علينا ان نعرف كيف نتعامل مع الأشرار من حولنا دون ان نفقد آدميتنا.

العمل العمل العمل هو الحل والأستقلال الأقتصادي و التربية النفسية السليمة التي تعجز بعض البيوت عن إخراجها للمجتمع هي ايضا الحل لمشاكل أجتماعية عديدة في مجتمعنا .
لو كانت نائباً في مجلس النواب لتبنيت هذا المشروع ولما كففت حتي تعتمد وزارة التربية والعليم علم النفس وبرامج تعزيز الثقة بالنفس وتعديل الانحرافات النفسية في التربية وبناء الأنسان في كل مراحل التعليم بداية من المدارس وحتي الوصول للجامعات حتي نُصلح ما أفسدته المفاهيم الأجتماعية الخاطئة علي مر العصور.
وأكرر مرة أخري أنه للأسف من التجارب والقصص التي قرأناها يوجد تشابه كبير بين النماذج المرضية للرجال النرجسيين اللذين يفرغهم للمجتمع أمهات لم يعرفن كيف يربون رجال .. آن الإوان للتدخل من قبل المؤسسات المجتمعية لتصحيح هذا العيب وتوعية الأجيال الجديدة بمفردات التربية الإجتماعية والنفسية والأقتصادية السليمة ،
تحية كبيرة لصاحبة فكرة جروب “تجربتي ” والمجموعة التي شجعتها وقاموا بتقديم هذه التجارب الحقيقية ليعرف كل شخص بأن همه ليس أكبر هم في الدنيا وانه لايكلف الله نفسا إلا وسعها .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *