الإيكونوميست المصرية
أحمد الطيبى: مصر ستصبح فى بؤرة اهتمام العالم بمجرد انتهاء كورونا

أحمد الطيبى: مصر ستصبح فى بؤرة اهتمام العالم بمجرد انتهاء كورونا


كتب: أشرف الليثى

كنت حريصا جدا على اللقاء معه وإجراء هذا الحديث فى هذا التوقيت المهم، لأنه رجل يجمع خبرات قلما توجد فى شخص واحد؛ فلديه خبرة طويلة فى القطاع السياحى الذى عمل فيه منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضى، وله خبرة واسعة فى صناعة الملابس الجاهزة، وكذلك فى الاستثمار العقارى. إنه أحمد الطيبى رئيس مجلس إدارة شركة الطيبى للاستثمار العقارى والسياحى ورئيس شركة راع سبورت “أديداس” وشركة صروح للتشييد والبناء ومطورى الأراضى للاستثمار العقارى.
وأمام هذا الكنز المتدفق من المعلومات والخبرات، حرصت على أن أتجول بين أفكاره ورؤيته الحالية وتوقعاته المستقبلية للمجالات المهمة التى يعتمد عليها الاقتصاد المصرى سواء السياحى أو الصناعى أو العقارى، وحقيقة من المرات القليلة التى أجد نفسى مستمعا ومستمتعا بالحديث الهادئ الرزين والمعلومات المتدفقة من الرجل الذى يمتلك كافة مقومات النجاح من فهم جيد لمتطلبات السوق والاحتياجات المستقبلية ورؤية ثاقبة واعية وفوق كل هذا تواضع كبير الذى يعد شيمة النبلاء والعظماء.. وإلى نص الحوار مع أحمد الطيبى:

• باعتبار أن حضرتك من أحد المستثمرين فى القطاع السياحى، نود التعرف على الموقف الحالى بالنسبة للقطاع السياحى المصرى؟
بداية لابد ألا نفصل قطاع السياحة عن قطاع الطيران المدنى، لأنهما مرتبطان ارتباطا وثيق الصلة ببعضهما البعض، وكما هو معروف أن أكثر قطاع تضرر نتيجة جائحة كورونا هو قطاع الطيران، فشركات الطيران على مستوى العالم خسرت مليارات الدولارات وتحتاج إلى مئات المليارات كدعم سواء من الحكومات أو المؤسسات المالية العالمية كى تستطيع أن تقف على قدميها مرة أخرى وهذا الموقف الصعب ينعكس بالسلب على القطاع السياحى لأنه لو افترضنا أن القطاع السياحى يحاول استعادة مكانته، فكيف سيتم ذلك بدون وجود طيران خاصة الطيران الشارتر والطائرات الخاصة والطيران العارض؟ لأن السياحة بالحجم الذى نسعى إليه فى دولة مثل مصر والهدف الذى كنا نسعى إلى تحقيقه والوصول بالدخل من عائدات السياحة إلى 20 مليار دولار فى العام لن يتحقق إلا من خلال الطائرات الشارتر أو الطيران العارض ولذلك لابد من عودة الطيران أولا كى تستعيد السياحة عافيتها، ونتمنى أن يكون هناك إقبال من الجمهور على الطيران وانتهاء فوبيا التخوف من استخدام الطائرات كمكان مغلق يمكن أن يصبح ناقلا للعدوى، وهذا ما تفكر فيه الآن شركات الطيران قبل عودة الحياة لهذا القطاع وهو توفير أكبر قدر من الطمأنينة والأمان للركاب خاصة أاننا نعلم أن الفيروس لن ينتهى بين ليلة وضحاها.
وفى اعتقادى أن حركة السياحة والتنقل بين الناس خلال الفترة المقبلة لن تكون كما كانت عليه من قبل ظهور جائحة فيروس كورونا، ومن المتوقع أن يستمر الكساد فى هذا القطاع ربما حتى منتصف 2021 وعودة السياحة ستكون مرتبطة ارتباطا وثيقا باكتشاف علاج للفيروس ومصل للوقاية منه. وبمجرد اكتشاف مصل لهذا الفيروس ستكون مصر من البلاد التى سيكثر عليها الطلب سياحيا لتنوع الأنشطة السياحية بها سواء الثقافية أو الشاطئية المختلفة أو الدينية ويتوافر بها عناصر الجذب بجميع المقاييس كما أن البنية التحتية السياحية الموجودة لدينا على أعلى مستوى من حيث الفنادق أو الطرق أو المطارات وبمجرد تحريك عجلة النشاط السياحى خلال عام أو عامين من الممكن أن نحقق فى العام الثالث أرقاما جيدة جدا تتعدى الثلاثين مليار دولار.

• هل من الممكن أن نرى بعد انتهاء جائحة كورونا أنواعا جديدة من السياحة مثل سياحة الاستشفاء؟
السياحة الطبية نوع من أنواع السياحة الجاذبة جدا وموجودة فى مصر بالفعل فى سفاجا والعين السخنة والواحات، والطقس فى مصر بصفة عامة فى جميع أنحاء الجمهورية جاذب جدا للسائحين من كافة أرجاء العالم، ولكن أتوقع أن تعتمد السياحة المقبلة بقدر كبير جدا على عملية النظافة والتعقيم والتطهير وستصبح من أهم عوامل الجذب التى ستسعى دول العالم للتركيز عليها فى التسويق السياحى ولذلك لابد أن نعى هذا من الآن ولابد للفنادق أن تركز على هذا وكذلك المطارات والمطاعم وسيارات النقل السياحى، فكل هذا سيكون من أهم العوامل المنشطة للسياحة خلال الأعوام القادمة.

• ما الخطوات التى من المفروض أن تتخذها الحكومة خلال الفترة المقبلة للتعجيل بعودة حركة السياحة بسرعة؟
اسم مصر فى حد ذاته منتج جيد جدا فى عملية التسويق السياحى، وكل ما نحتاجه فقط الوصول إلى مصل وعلاج للفيروس، ومن خلال نشاطى فى المجال السياحى منذ أواخر السبعينيات أستطيع أن أؤكد أنه بمجرد مرور شهر أو شهرين أو حتى ستة أشهر على أى مشكلة مرت بمصر كانت تحدث انفراجه قوية بعد ذلك وتعود لمعدلاتها بسرعة جدا وقد حدث ذلك فى أعقاب حادث الأمن المركزى عام 1986 ومشكلة زلزال 1992 ثم أحداث الإرهاب فى 1994 وبعد حادث الأقصر عام 1997 أو حتى فى أعقاب أحداث يناير 2011 رغم أن فترة الانفلات الأمنى استغرقت وقتا طويلا حتى عاد الاستقرار إلا أنه فى أعقاب تلك الأزمات كانت تحدث انفراجه قوية جدا.

• فيما يتعلق بالقطاع الصناعى وحضرتك لك أيضا باع طويل فيه بحكم رئاستك لشركة راع سبورت “أديداس”، كيف ترى مدى تأثر هذا القطاع بجائحة كورونا؟
بالنسبة للقطاع الصناعى فى مجال الملابس الجاهزة على سبيل المثال، تأثرت الحركة التجارية على مستوى العالم فى هذا القطاع بانخفاض نسبته 89% ولا يتم تحقيق سوى 10% فقط الآن مقارنة بما تم تحقيقه فى نفس الفترة المماثلة من العام الماضى، وهذا الانخفاض لا يهدد صناعةه الملابس الجاهزة فقط بل يهدد المراكز التجارية على مستوى العالم والعمالة التى تعمل فيها وأعدادها كبيرة للغاية، وكذلك المحلات التى تقوم بتغذية تلك المصانع والتى أصبح عدد كبير منها مهدد بالإغلاق وعدد آخر بدأ يبحث عن تغيير النشاط كل هذا سيؤدى بالطبع إلى زيادة معدلات البطالة لأن أعدادا ضخمة جدا من العمالة تستوعبها مصانع الملابس هذه، ولا ننسى أن هناك دولا قامت بالإغلاق التام للأنشطة الاقتصادية وأخرى قامت بإغلاق جزئى مثل مصر علاوة على حالات الخوف والهلع التى أصابت الأسواق بصفة عامة مما أدى إلى عدم إقبال نسبة كبيرة من الجمهور على شراء الملابس حيث فضلوا الاحتفاظ بأموالهم للصرف منها فى ظل عدم وضوح الرؤية لموعد انتهاء تلك الجائحة.
وكما هو معروف أن الصناعة تعتمد على الصناعات المكملة والمواد الأولية من دول أخرى ولم تعد هذه متوفرة حاليا مثلما كانت فى السابق سواء لمشاكل فى الشحن أو التأخير فى إرسالها من بلد المنشأ، علما أن الصناعة مرتبطة ارتباطا تاما بإجراءات تنظيمية شديدة الحساسية ضد أى تأخير سواء فى موعد التسليم أو الشحن أو الوصول إلى المصنع كى تستطيع أن تحقق أرباحا، وأى تأخير لمجرد ساعات قليلة يسبب خسائر ضخمة فما بالك وقد توقفت أياما وأسابيع وشهورا، لأن هناك بلادا توقفت حركة الإنتاج فيها تماما وتوقفت عجلة الإنتاج فى مصانعها وهناك مصانع غيرت النشاط وبدأت فى التغيير من صناعة الملابس إلى الأطقم والمستلزمات الطبية.
الوقت الحالى هناك حالة مزدوجة من عدم وضوح الرؤية والخوف وعدم الرغبة فى الاستثمار، ولكن أرى أيضا أنه بمجرد زوال تلك الغمة ستعود الأوضاع كما كانت وبسرعة شديدة وستعود عجلة الإنتاج وتبادل البضائع وبيع وشراء المواد الأولية بصورة مكثفة لأن هناك احتياجا كبيرا فى الأسواق الآن.

• هل فقدت مصر أسواقا كان يتم تصدير منتجات صناعية إليها مثل الملابس الجاهزة نتيجة هذه الجائحة؟
بالتأكيد فقدنا أسواقا كنا متواجدين فيها بصفة منتظمة ومستمرة منذ سنوات طويلة وهو ما يظهره حجم الطلبات التى تلقتها المصانع المصرية خلال الشهور الثلاثة الماضية حيث إنه أقل بكثير مما كان قبل جائحة كورونا، وهذا بالتأكيد سيكون له تأثيره السلبى على الميزان التجارى وأيضا ربحية المصانع والعمالة خاصة المصانع الموجودة فى المناطق الحرة مثل بورسعيد أو مدينة نصر أو الإسماعيلية لأنها تعتمد أساسا على تصدير إنتاجها للخارج ويعمل بها أعداد كبيرة جدا من العمالة، ولكن يظل التفاؤل موجودا وبمجرد زوال الغمة وانتهاء تلك الجائحة ستعود بسرعة كبيرة جدا وستكون هناك طلبات متزايدة تتقارب من المعدلات التى كانت عليها قبل كورونا.

• فيما يتعلق بالقطاع العقارى المصرى، ما مدى تأثره بجائحة الكورونا؟
القطاع العقارى مثله مثل باقى القطاعات التى تأثرت بالفيروس ولكن يظل أقل القطاعات تأثرا، ربما انخفضت المبيعات فى هذا القطاع إلى حد ما لكنه يظل مخزنا للقيمة الحقيقية المادية للمصريين والملجأ الآمن للاستثمارات ومازال الاحتياج الأول والأهم فى حياة المصريين خاصة أن السوق فى حاجة متزايدة من العقار لا تستطيع شركات التطوير العقارى توفيرها على كافة المستويات، ولايزال الطلب على العقار جيدا جدا.

• هل توقف العمل فى المدن الجديدة خلال الفترة الماضية؟
على العكس العمل مستمر وتضاعف فى الفترة السابقة فى المدن الجديدة وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة وحركة الاستثمار فيها لم تتوقف وتجرى على قدم وساق وجميع المشروعات فى العاصمة الإدارية مستمرة سواء سكنية أو تجارية أو طبية أو بنية تحتية وحتى خطوط السكك الحديدية والمونوريل وأيضا المبانى الحكومية والقصر الرئاسى والأوبرا وهى الآن أكبر مكان مستوعب للعمالة فى كافة التخصصات لأن هناك مواعيد تنفيذ والتزامات للتسليم سواء أمام الحكومة أو العملاء ولم يتوقف أى موقع عن العمل خلال الفترة السابقة مع الأخذ فى الاعتبار جميع الإجراءات الاحترازية التى توصى بها وزارة الصحة.

• هل ستؤثر تداعيات كورونا على إعادة اهتمامات المطورين العقاريين وستغير نظرتهم لأنواع محددة من الاستثمار العقارى؟
أعتقد أن الاستثمار فى القطاع الطبى سيكون محل اهتمام كبير من جانب شركات التطوير العقارى خاصة أننا نعلم جميعا أن عدد المستشفيات فى مصر قليل وجميع الاستثمارات الأجنبية التى استثمرت فى هذا القطاع حققت أرباحا ممتازة قبل جائحة كورونا فما بالك بعدها والجميع يعلم أن هذا المجال واعد جدا خاصة أن هذه الجائحة أوضحت للجميع أن الاستثمار فى الطب كمستشفيات ومعدات وفنيين وممرضين وأطباء كان ضعيفا ولا يتناسب مع احتياجات السوق المصرية وغير كاف وهناك احتياج شديد له.

• هل أثرت كورونا على رغبات وطلبات العملاء أو بمعنى آخر هل هناك مناطق زاد الطلب عليها وأخرى قل الطلب عليها على مستوى الجمهورية؟
لم تتغير كثيرا رغبات العملاء ولم تشهد السوق العقارية تغيرات تذكر فى اهتمامات العملاء ولازالت العاصمة الإدارية أكثر المناطق التى تشهد إقبالا كبيرا من جانب الجمهور والأكثر مبيعا بالنسبة لشركات التطوير العقارى ثم يأتى بعد ذلك الساحل الشمالى ومدينة 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة وما زالت باقى المدن الجديدة تحظى باهتمام العملاء مثل المنصورة الجديدة أو أسيوط الجديدة والمنيا الجديدة.
والعاصمة الإدارية بالنسبة لقطاع كبير من الجمهور أصبحت تمثل المستقبل والنقلة الحضارية والنوعية فى شكل الحياة لما يتوافر لديها من مناطق جذب كثيرة جدا سواء المبانى الحكومية ومجلس النواب المخطط على أحدث مستوى والقصر الرئاسى والمراكز التجارية والمحلات وبها أكبر مدينة للمعارض سيكون فى استطاعتها استقطاب عدد ضخم جدا من المعارض العالمية علاوة على وجود مطار دولى، إلى جانب البنية التحتية والأساسية المخططة على أحدث طراز بالإضافة إلى المناطق السكنية المخططة بشكل جمالى يضاهى أجمل المناطق فى العواصم العالمية علاوة على مراعاة توفير أقصى درجات الحماية للمدينة كلها من خلال نشر كاميرات المراقبة فى كافة الشوارع والأماكن العامة.
أنا شخصيا أفخر بها دائما وسط رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب الذين يزورون مصر وأنصحهم بزيارة العاصمة الإدارية ونتقابل هناك وأشعر بالفخر والزهو بكل شىء هناك.

• هل يمكن إلقاء مزيد من الضوء على المشروعات التى قامت شركتكم بتنفيذها فى العاصمة الإدارية الجديدة؟
لدينا عدة مشاريع فى العاصمة الإدارية، وكنا من أوائل الشركات التى دخلت العاصمة الإدارية عام 2017، وأقمنا أول مشروع قامت بتنفيذه شركة صروح للتشييد والبناء “مشروع انترادا” على 72 فدانا ويضم 3000 وحدة سكنية بالإضافة إلى 30 ألف متر مسطح تجارى، ويجرى تنفيذه حاليا على قدم وساق والمقاولون يباشرون عملهم فى أرض المشروع الآن.
وهناك مشروع آخر citadel وهو عبارة عن مبنى تجارى إدارى بالقرب من منطقة الوزارات وسيبدأ العمل به خلال الربع الثالث من العام الحالى.
وهناك مشروع أرمونيا على مساحة 42 فدانا بجوار الحى الدبلوماسى ويشتمل على 1700 وحدة سكنية بالإضافة إلى 20 ألف متر مسطحات تجارية.
ولدينا خطة للتوسع فى العاصمة الإدارية مستقبلا بمجرد أن تستقر الأوضاع وتزول غمة كورونا لإيماننا الشديد بالمستقبل الواعد لتلك المنطقة.

• كيف تتوقع أن تصبح مصر عقب زوال غمة كورونا؟ وما القطاعات التى من يمكن أن تشهد انطلاقة عقب زوال الجائحة؟
رغم التداعيات السلبية لأزمة كورونا، فإن مصر تعد من الدول القليلة التى أظهرت تماسكا كبيرا على أرض الواقع. وبالتأكيد خلال أحداث كورونا، شهد العالم كله كيف أدارت مصر تلك الأزمة بهدوء ولم تتعطل المصالح فيها مثلما فعلت الكثير من الدول، بل إن الاقتصاد المصرى يعتبر من الاقتصادات التى واجهت تلك الأزمة بقوة وصلابة ولم يهتز عكس ما حدث فى اقتصادات العديد من دول العالم. وبعد زوال تلك الجائحة، هناك فرصة جيدة لمصر أن تظهر بشكل جيد وحضارى وقوى وأن تستغل قوة الدفع الكبيرة التى أظهرتها للعالم بثبات اقتصادها بالإضافة إلى تنفيذها لمشروعات عديدة خلال تلك الأزمة مما يؤكد أن مصر من الدول الواعدة اقتصاديا، والشعب المصرى لديه القدرة على مواجهة التحديات خاصة أنه يرى تنفيذ مشروعات عديدة على أرض الواقع، ونؤكد التجارب العديدة التى مرت بها مصر أنه عقب الأزمات الكبرى تحدث انفراجة قوية، وبإذن الله تعالى ستكون هناك انطلاقة كبرى.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *