الإيكونوميست المصرية
الميزان………………..بقلم: أشرف الليثى

الميزان………………..بقلم: أشرف الليثى

بقلم: أشرف الليثى

بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. صدق الله العظيم
فى هذه الآيات الكريمة معانٍ كثيرة وربما يكون فلسفة الكون كله والغرض من حياة الإنسان فى هذه الدنيا التى نعيشها، لن أتطرق إلى المعانى الفقهية لها ولكن ما أريد ان أركز عليه هو الميزان الذى وضعه الله فى كل شىء ليتساوى الجميع فى النهاية.
فى علم الاقتصاد جميع النظريات تعتمد على الميزان والمقابل لكل شىء فلا توجد خسارة مطلقة ولا مكسب كامل، كل نجاح له ضريبته وكل خسارة بالتأكيد لها فى الجانب الآخر مكاسبها، ولنأخذ أزمة كورونا مثال على ذلك فرغم جميع التداعيات السلبية والخسائر التى منيت بها الدول والحكومات والأسر والأفراد، فإنه فى المقابل هناك بالتأكيد مكاسب فى الكفة الأخرى من الميزان.
بالنسبة للحالة المصرية، نجد أن كورونا أثرت كثيرا على الاقتصاد المصرى من حيث انخفاض الدخل من قطاع السياحة والطيران المدنى والتصدير وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وهذه هى المدخلات الرئيسية لميزان المدفوعات الذى اهتز كثيرا، ولكن فى المقابل انخفضت واردات مصر من الخارج سواء مواد الطاقة أو السلع الوسيطة أو مستلزمات الإنتاج أو السلع الرفاهية أو الأجهزة الكهربائية والسيارات وفى النهاية ستكون الخسارة بنفس القدر من المكاسب.
أزمة كورونا تعتبر الأزمة الأهم والصعب التى واجهت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى وربما لم ولن تواجه أى حكومة سابقة أو لاحقة مثلها، ولولا هذه الأزمة ما عرفنا قيمة كل ما تم عمله من برنامج اقتصادى أقل وصف له أنه “عمل جبار” مكن مصر من مواجهة أزمة طاحنة أثرت بشكل كبير على أعتى الاقتصادات العالمية فما بالك بالاقتصادات الهشة أو الضعيفة، بمعنى أنه لو كان كتب الله أن تأتى تلك الأزمة منذ ثلاث سنوات مضت قبل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى نوفمبر 2016، هل كان لدى الحكومة القدرة على تلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية التى احتاجت لتمويلات ضخمة بالعملة الأجنبية والتى لم تكن متوافرة من قبل وفى ظل التراجع الكبير من الدخل؟ هل كان لدى الحكومة القدرة على تخصيص أكثر من 100 مليار جنية لمواجهة تلك الجائحة سواء من خلال تقديم دعم نقدى للأسر الأكثر احتياجا أو تدعيم المستشفيات والأطقم الطبية أو استمرار دعم المواد الغذائية فى البطاقات التموينية؟ هل كانت الحكومة تستطيع تمويل أماكن العزل للمصريين العالقين الذين تم استحضارهم من الخارج على نفقة الدولة؟ هل كانت الدولة ستمتلك القدرة على تمويل مبادرات البنك المركزى سواء الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة أو التمويل العقارى أو مساعدة المصانع المغلقة أو خفض الفائدة على الإقراض لمساعدة الشركات للإقراض وتشغيل المصانع أو الإسراع فى صرف مستحقات شركات المقاولات كى لا تتوقف عن تنفيذ المشروعات وتستمر فى صرف رواتب العاملين لديها ولا تستغنى عنهم وفى النهاية يصب هذا فى صالح أسر العمال غير المنتظمين أو الأسر الأكثر احتياجا؟
مرة أخرى عودة إلى الميزان فى الحياة، حيث أظهرت الجائحة مدى أهمية الصحة وتطوير المنظومة الصحية بكافة عناصرها البشرية والمادية، لأن فى النهاية صحة الإنسان لها الأولوية القصوى عن كافة أساسيات الحياة الأخرى بما فيها الاقتصاد.
الجائحة ساعدت على إظهار وجه مصر الحضارى أمام العالم كله وقامت مصر بعمل علاقات عامة صحية عالمية من خلال تقديم مساعدات طبية، رغم الظروف الصعبة، وذلك للدول الكبرى الغنية مثل الصين والولايات المتحدة وإيطاليا وأيضا للدول الفقيرة مثل السودان وجنوب السودان مما كان له أكبر الأثر فى نفوس شعوب تلك الدول.
وأخيرا ربما فى يوم من الأيام نعرف أن إيجابيات كورونا على مصر كانت أكبر بكثير من سلبياتها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *