الإيكونوميست المصرية
قرارات اقتصادية جريئة غيرت شكل الاقتصاد المصرى

قرارات اقتصادية جريئة غيرت شكل الاقتصاد المصرى

• عمرو جادالله: قرار التعويم وتحرير سعر صرف الجنيه أثر بالإيجاب على كل المؤشرات الاقتصادية
• طارق حلمى: من القرارات المهمة رفع الدعم عن الطاقة وتحويل القروض قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل ضمن استراتيجية ضبط الدين
• رمضان أنور: إلغاء الحد الأقصى للتحويلات الدولارية للخارج وإنشاء المجلس الأعلى للمدفوعات من القرارات الحيوية

فاطمة إبراهيم
ثلاث سنوات مضت، اتخذت الحكومة المصرية خلالها العديد من القرارات الاقتصادية الجريئة التى ساهمت فى تغيير وضع الاقتصاد.. فما أهم هذه القرارات؟ وما نتائجها؟ وما أهم القطاعات التى استفادت منها؟ وما الوضع الاقتصادى قبل وبعد هذه السنوات الثلاث؟
أكد خبراء الاقتصاد أن أهم هذه القرارات على الإطلاق هو التعويم أو تحرير سعر صرف الجنيه، مقابل الدولار، لأن مصر كانت تعانى قبل قرار التعويم من مشكلات هيكلية لايمكن احتواؤها، حيث وجود سوقين للعملة، ونقص فى موارد النقد الأجنبى، وقوائم انتظار بالبنوك لتلبية طلبات الاستيراد، واحتياطى نقدى ضعيف،إلا أن بعد القرار بثلاث سنوات تحسن أداء الاقتصاد المصرى.
وخلال الثلاث سنوات الماضية تحسن الكثير من المؤشرات الاقتصادية، حيث ارتفع معدل نمو الاقتصاد من 4.3 % فى 2015 – 2016 إلى 5.6%، وتراجع عجز الموازنة من 12.5% إلى 8.3%.
ونما الاحتياطى النقدى من 19 مليار دولار فى أكتوبر 2016 إلى 45.2 مليار دولار فى أكتوبر 2019، ليغطى نحو 9 أشهر من الواردات، بفعل خطة مدروسة انتهجها البنك المركزى المصرى والمجموعة الاقتصادية، تعتمد على ترشيد استخدامات العملة الصعبة والاستيراد من الخارج، وزيادة آجال الدين الخارجى لمصر، وتنويع مصادر العملة الأجنبية من القروض الدولية بدعم مؤسسات مثل صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، إلى جانب إصدار سندات دولية لمصر فى الأسواق العالمية.
كما انخفض معدل التضخم من 14% فى أكتوبر 2016 إلى 4.3% فى سبتمبر 2019 وبعد أن ارتفع إلى نحو 33% فى منتصف عام 2017، مع الإجراءات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، وسط توقعات بأن يواصل البنك المركزى خفض أسعار الفائدة لتشجيع الإقراض.
وارتفعت إيرادات السياحة إلى 12.6 مليار دولار مقابل 3.8 مليار دولار، فيما تراجعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى من 102.8% إلى 90.2%، وارتفع سعر الدولارمن 8.88 جنيه فى أكتوبر 2016، إلى 16.19 جنيه فى 31 أكتوبر 2019، وسجل معدل البطالة 7.5% مقابل 12.5%.
وعلى الرغم من ذلك، فهناك مؤشرات أخرى مازالت تحتاج لمزيد من الجهد من قبل الحكومة خاصة الاستثمار الأجنبى المباشر الذى مازال يعانى وسجل بنهاية يونيو الماضى أقل مستوى فى 5 سنوات، ليصل إلى 5.9 مليار دولار، ولم تصل الحكومة منذ 25 يناير 2011 لمستهدفها المتكرر والذى يبلغ نحو 10 مليارات دولار.
وأشار خبراء الاقتصاد لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى أن القطاع المصرفى هو أكبر المستفيدين من قرار التعويم استنادا إلى مؤشراته التى تحسنت كثيرا طوال الثلاث سنوات الماضية، لاسيما على مستوى المراكز الدولارية وحجم السيولة الأجنبية المتاحة.
وتعد التدفقات من تحويلات المصريين موردا هاما من موارد النقد الأجنبى لمصر، وقبل قرار التعويم كانت هذه التحويلات تتسرب إلى دول الخليج أو السوق السوداء للعملة، ولكن بعد تحرير سعر الصرف بدأت هذه التحويلات فى التدفق إلى الجهاز المصرفى، وسجلت التحويلات نحو 17.077 مليار دولار فى العام المالى 2015/2016، قبل أن ترتفع لنحو 21.8 مليار دولار فى يونيو 2017 ، وقفزت التحويلات لمستويات 26.39 مليار دولار بنهاية يونيو 2018، ثم 25.15 مليار دولار بنهاية يونيو 2019.
وقفزت الأرصدة الخارجية للقطاع المصرفى من نحو 5.75 مليار دولار فى يونو 2016، لمستوى 15.7 مليار دولار فى يونيو 2017، قبل أن تسجل نحو 16.61 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضى.
وكانت تداولات الإنتربنك ضعيفة قبل التعويم حيث سجلت نحو 9.3 مليار دولار خلال العام المالى 2015/2016، لكنها شهدت زيادات متتالية منذ التعويم وتوافر السيولة بالعملة الأجنبية.
وزادت تداولات الإنتربنك بشكل قوى عقب إلغاء البنك المركزى آلية ضمان أموال المستثمرين الأجانب، والدخول من خلاله لسوق أدوات الدين لتصبح البنوك هى المتعامل الوحيد فى هذه السوق.
وسجلت تداولات الإنتربنك الدولارى نحو 18.5 مليار دولار فى العام المالى قبل الماضى 2017/2018، قبل أن تقفز لأكثر من 25 مليار دولار خلال الفترة من يونيو 2018 إلى أغسطس 2019.
وقال الخبراء إن هناك قرارات أخرى مثل رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، والذى ساهم فى تحقيق وفورات للموازنة العامة للدولة لإعادة توجيهه إلى الإنفاق على التعليم والصحة، وكذلك قوانين الاستثمار الجديدة.
وذكر عمرو جاد الله نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى العربى أن أهم قرار اقتصادى تم اتخاذه خلال الثلاث سنوات الماضية هو قرار التعويم، الذى أثر بالإيجاب على كل المؤشرات الاقتصادية، مشيرا إلى أننا بدأنا نلمس إيجابيات هذا القرار، حيث تراجع التضخم من 33% إلى أقل من 4.3%، وبدأت أسعار الفائدة فى التراجع إلى مستويات ما قبل التعويم.
ونوه جاد الله إلى أن قرار رفع الدعم عن البنزين وتحرير أسعار الطاقة، ساهم أيضا فى تحقيق وفورات فى الموازنة العامة للدولة لإعادة توجيهها للإنفاق على الصحة والتعليم.
وأكدت الحكومة أن قرارات ترشيد دعم الوقود وفرت ما يقرب من 37 مليار جنيه خلال عام 2019، و21 مليار جنيه خلال العام السابق 2018، وأوضحت أنه ما يقرب من 540 مليار جنيه قد تم إنفاقها خلال مدة 6 سنوات على دعم المواد البترولية.
وكانت الحكومة قد بدأت خفض دعم الطاقة عام 2014، قبل تنفيذ البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد فى أواخر 2016.
وتم تخصيص 89 مليار جنيه لدعم الوقود ومشتقاته خلال العام المالى 2018/2019، مقابل 52.8 مليار جنيه فى العام المالى الجارى.
من جانبه أكد طارق حلمى عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن القرارات الاقتصادية التى صدرت خلال الثلاث سنوات الماضية ساهمت بشكل كبير فى ارتفاع المؤشرات الاقتصادية من حيث معدلات النمو، الذى بلغ 5.8%، ثالث أعلى نمو، والاحتياطى النقدى الذى تجاوز 45.2 مليار دولار، وكذلك معدل التضخم الذى تراجع من 35% إلى أقل من 7%.
ولفت إلى أن قرار رفع الدعم عن الطاقة، وتحويل القروض قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل، ضمن استراتيجية ضبط الدين، كلها مثلت برنامج متكامل اعتمده صندوق النقد الدولى، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة تتطلب التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأشار حلمى إلى أن تطور مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى تأتى وسط إشادات دولية متواصلة من مجتمع الاستثمار العالمى، والمؤسسات الدولية، لافتا إلى أن صندوق النقد الدولى يعتبر مصر قصة نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، حيث نجح البرنامج فى علاج مشكلات هيكلية عانى منها الاقتصاد المصرى على مدار عقود، ونجحت الحكومة والبنك المركزى فى علاج مشكلات توافر النقد الأجنبى والقضاء على السوق السوداء للعملة وخفض عجز الموازنة العامة للدولة وإعادة هيكلة الدعم وخفض البطالة والتضخم.
فيما أوضح رمضان أنور الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى سابقا أن أهم القرارات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة خلال الثلاث سنوات الماضية هى تحرير سعر الصرف الذى تزامن مع برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولى وبموجبه حصلت مصر على تمويل بقيمة 12 مليار دولار، وكان الاقتصاد المصرى سيدخل فى أزمة كبيرة لولا التحرك نحو تحرير العملة لتعود السوق المصرية لتكتسب ثقة المؤسسات الدولية.
ويعتبر التحكم فى سوق صرف العملة هو أكبر مكاسب التعويم، وبسببه استطاعت السوق أن تعود مجددا كمصدر ثقة للمستثمرين الأجانب فى أدوات الدين والمؤسسات الدولية المقرضة.
ورغم الزيادة الكبيرة فى سعر الدولار أمام الجنيه عقب قرار التعويم ليقفز لمستوى 18 جنيها، فإنه مع تحسن مؤشرات الاقتصاد انخفض بنحو 11% منذ التعويم حتى أكتوبر الماضى.
وأضاف أنور أن ثانى هذه القرارات هو قوانين الاستثمار الجديدة، التى ساعدت على جذب الاستثمارات إلى مصر، وزيادة الدعم للبطاقات التموينية لتوفير الحماية الاجتماعية لفئات محدودى الدخل، فضلا عن إلغاء الحد الأقصى للتحويلات الدولارية للخارج، وإنشاء المجلس الأعلى للمدفوعات.
وقال الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى سابقا إنه نتيجة هذه القرارات فقد حظت مصر بشهادة المؤسسات الدولية لأن تكون ضمن أفضل عشر اقتصادات على مستوى العالم خلال 2030، حيث تراجع العجز فى الميزان التجارى، وتحسن التصنيف الائتمانى لمصر، وارتفعت معدلات النمو، بفضل مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

Related Articles